وأما العذاب فهو أيضا يجري مجرى المضار (1) التي [لا] يختص إطلاق ذكرها بجهة دون جهة. ولهذا يقال للظالم المبتدئ بالظلم: إنه معذب ومضر ومؤلم، وربما قيل: معاقب على سبيل المجاز. وليست لفظة العذاب بجارية مجرى لفظة العقاب، لأن لفظة العقاب تقتضي بظاهرها الجزاء، لأنها من التعقيب والمعاقبة، ولفظة العذاب ليست كذلك. فأما إضافته ذلك إلى الشيطان، وإنما ابتلاه الله تعالى به فله وجه صحيح، لأنه لم يضف المرض والسقم إلى الشيطان، وإنما أضاف إليه ما كان يستضر به من وسوسته، ويتعب به من تذكيره له ما كان فيه من النعم والعافية والرخاء، ودعائه [له] إلى التضجر والتبرم مما هو عليه، ولأنه كان أيضا يوسوس إلى قومه بأن يستقذروه (2) ويتجنبوه [ويستخفوه] لما كان عليه من الأمراض البشعة (3) المنظر، ويخرجوه من بينهم.
وكل هذا ضرر من جهة اللعين إبليس.
وقد روي أن زوجته (عليه السلام) كانت تخدم الناس في منازلهم وتصير إليه بما يأكله ويشربه، وكان الشيطان لعنه الله تعالى يلقي إليهم ان داءه (عليه السلام) يعدي، ويحسن إليهم تجنب خدمة زوجته من حيث كانت تباشر قروحه وتمس جسده، وهذه مضار لا شبهة فيها.
وأما قوله تعالى في سورة الأنبياء: * (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) * (4) فلا ظاهر لها أيضا يقتضي ما ذكروه، لأن