تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٣٠
بمعرض له للتهمة بالسرقة، لأن وجود السقاية في رحله يحتمل وجوها كثيرة غير السرقة، وليس يجب صرفه إليها إلا بدليل. وعلى من صرف ذلك إلى السرقة من غير طريق اللوم لتقصيره (1) وتسرعه، ولا ظاهر أيضا لوجود السقاية في الرحل يقتضي السرقة، لأن الاشتراك في ذلك قائم، وقرب هذا الفعل من سائر الوجوه التي يحتملها على حد واحد.
فأما نداء المنادي بأنهم سارقون فلم يكن بأمره (عليه السلام)، وكيف يأمر بالكذب وإنما نادى بذلك أحد القوم لما فقدوا الصواع، وسبق إلى قلوبهم انهم سرقوه، وقد قيل: إن المراد بأنهم سارقون انهم سرقوا يوسف (عليه السلام) من أبيه وأوهموه انهم يحفظونه فضيعوه، فالمنادي صادق على هذا الوجه، ولا يمتنع أن يكون النداء بإذنه (عليه السلام).
[غير] ان ظاهر القصة واتصال الكلام بعضه ببعض يقتضي أن يكون المراد بالسرقة سرقة الصواع الذي تقدم ذكره وأحسوا فقده، وقد قيل: إن الكلام خارج مخرج (2) الاستفهام وإن كان ظاهره [ظاهر] الخبر كأنه قال: * (إنكم لسارقون) * (3) فأسقط ألف الاستفهام كما سقطت في مواضع قد تقدم ذكرها في قصة إبراهيم (عليه السلام).
وهذا الوجه فيه بعض الضعف، لأن ألف الاستفهام لا تكاد تسقط إلا في موضع (4) يكون على سقوطها دلالة في الكلام، مثل قول الشاعر:

(١) في " ش، ع ": في تقصيره.
(٢) في " م، ش ": خارج على معنى.
(٣) سورة يوسف: ٧٠.
(4) في " ش ": مواضع.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»