الولاية التكوينية ، الحق الطبيعي للمعصوم (ص) - الشيخ جلال الصغير - الصفحة ٨١
بالنقد والاعتراض قال لك أن أتحدث عن قضية مقيدة، كما فعل البعض في مواضع كثيرة، فمثلا في مكان قال:
أن حديث الكساء ضعيف السند (1)، وحينما تحدثت عن قوة الحديث سندا ومتنا قال إنه لم يقصد حديث الكساء العام، وإنما قصد حديث الكساء المنشور في كتب مفاتيح الجنان!! وأمثال ذلك كثير (2).

١ - أنظر مجلة الموسم في العدد: ٢١ - ٢٢ ص ٣١٤ - ٣١٥.
٢ - نقدم بين يدي القارئ الكريم ثلاثة شواهد على طبيعة الخداع التي تمارس في هذا المجال، وهذه الشواهد لا نقدمها على سبيل الحصر، وإنما كأمثلة اخترناها عن قضايا كثر الكلام بشأنها، وهذه الشواهد هي:
أولا: إنحناءة أما العاصفة:
من الواضح أن الرجل قال في ظلامة الزهراء (عليها السلام) ما قال نفيا وإساءة لقدسية الزهراء (عليها السلام)، ولكننا بعد أن برزت المواقف الغاضبة للعلماء الأعلام، رأينا الرجل يرسل رسالة إلى العلم الجليل والمحقق الكبير السيد جعفر مرتضى العاملي (حفظه الله تعالى) يذكر فيها أنه قال ما قال لأنه لم يكن مطلعا على المصادر، غير أنه رأى: أخيرا أن الحديث عن محسن السقط ورد في كتب الخاصة والعامة، كما أن حديث الإسقاط بالاعتداء جاء في رواية دلائل الإمامة للطبري، وهكذا وردت أحاديث متعددة حول كسر الضلع ونحوه من الفظائع. (أنظر الرسالة الثانية المرسلة إلى السيد العاملي المنشورة في كتاب جاء الحق: ٢٢٤).
ولكنه بعدها بمدة قليلة قال عبر إذاعته: أما الحكي أننا اعتذرنا في الواقع لم يكن هذا إعتذار، ولكن كان مواجهة للحملة الظالمة التي كادت أن تتحول إلى فتنة في قم، وطلب مني الكثيرون من الفضلاء أن أتحدث بطريقة تمنع الآخرين من إثارة الفتنة، لذلك تحدثت بطريقة ليس فيها اعتذار، ولكن فيها تخفيف من طبيعة الموضوع. (من شريط نحتفظ فيه بصوته).
وهو الأمر أفصح عنه غاية الإفصاح حينما عاد ليطرح المسألة من جديد دفاعا عن رأيه تارة، وتصعيدا في الموقف أخرى، حتى بلغ به الأمر أنه في حج عام ١٤١٨ ه‍ صرح في مكة وأما محفل من الحضور في مكتب صاحبه الهمداني بأن الزهراء حينما تسمى بالشهيدة فإنها بمعنى أنها تأتي شاهدة على الناس لا بمعنى أنها مقتولة!.
وكان قبله قد حرك أنصاره لكي يدفعوا عنه ذلك السيل من الحجج الدامغة التي قدمها السيد العاملي في كتابه الموفق مأساة الزهراء (عليها السلام) شبهات وردود فكتب له أحدهم هوامش نقدية، كتب الثاني مأساة كتب المأساة، والثالث مرجعية المرحلة وغبار التغيير، وسرعان ما تبين أن هذه الكتب هي كتب إدانة له أكثر مما هي كتب دفاع عنه، ويمكن للقارئ الكريم أن يراجع كتاب الفضيحة في رده على الأول، وجاء الحق في رده على الثاني، وحتى لا تكون فتنة في رده على الثالث.
ثانيا: علي (عليه السلام) وشرب الخمر!
في طبعته الجديدة - التي لم تطبع، لكن انتشرت نسختها - للجزء السابع من تفسيره من وحي القرآن أورد ذكر رواية عن الطبري بعنوان أسباب النزول يذكر فيها أن آية (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) [النساء / 43] نزلت في علي وعبد الرحمن بن عوف ورجل آخر كانوا قد شربوا الخمر.
وقد هاله أن الأمر قد كشف، وبدأ الناس بالتساؤل الجدي عن هذا الموضوع، فقدم هو وجريدته أعذارا مختلفة تعبر عن مدى الكذب والافتراء الذي يتملك هذا التيار، فمرة قال:
الطبعة الجديدة دس هذا الكلام فيها من قبل بعض الناس الغافلين، واستغلها بعض الناس الذي كان يتولى صف الأحرف. (محاضرته في السبت 12 / 10 / 96 في حوزة المرتضى التابعة له).
ولكنه في العدد 17 من جريدة فكر وثقافة صرح بما يلي: إن هذا الكلام قد دس في الطبعة الجديدة من قبل من كان يتولى صف الأحرف. (فكر وثقافة، العدد: 17).
وفي أجوبته المؤرخة بتأريخ 16 / جمادى الثاني / 1417 ه‍ قال ردا على سؤال وجه إليه في هذا الخصوص: ناقضنا هذه المقولة الباطلة والمفتراة علينا أكثر من مرة، والذي صف حروف التفسير للطبعة الجديدة، لم يصف مناقشتنا لهذه المقولة خيانة منه وكيدا وحسابه على الله سبحانه. (أنظر كتاب جاء الحق: 253).
وهو كما ترى هنا يلقي بمسؤولية إيراد الرواية في الكتاب على بعض المغفلين في جهازه الإعلامي، فيما يكون دور الذي تولى صف الأحرف هو الاستغلال، وفي الثانية كأنه يبرأ ذاك المغفل الذي أشار إليه في المرة الأولى، ويلقي بكامل مسؤولية الدس على من تولى صف الأحرف، ولكنه في الثالثة برأ من ولي صف الأحرف من مسؤولية الدس، بل أشار ضمنا إلى وجودتها غير أنه ألقى عليه مسؤولية حذف المناقشة التي أوردها ضد هذه الرواية!!.
فأي منها نعتمد في النقاش لو أردنا مناقشته في أمر صغير كهذا، ولكن دفعا للبس والإيهام نقول:
أولا: جانب الرجل الشرع الشريف في شأن من ولي صف الأحرف فهو مرة اتهمه في الاستغلال، وأخرى اتهمه بالدس وثالثة بالحذف والكيد، وكون هذه الاتهامات متناقضة التي تعبر على أدنى تقدير أنه لم يكن على بينة مما قام به هذا الرجل، وهي إتهامات من دون دليل.
ثانيا، أعقد أن كل من له أدنى خبرة في عالم تهيئة الكتب يعلم أن من تولى صف الأحرف لا يمكنه القيام بذلك لسبب بسيط هو أن الكتب في العادة تصحح لمرتين على الأقل بعد صف الأحرف من قبل نفس صاحب الكتاب، وهو وحده الذي يعطي الضوء الأخضر في شأن تمام الكتاب، وفي علمنا الخاص أن الكتاب كان قد صحح ثلاثة مرات من قبل إدارة المركز الثقافي الإسلامي، وقد أنزل إلى المطبعة بعد أخذ موافقته النهائية على طبع الكتاب (كما صرح بذلك ب. ش مدير دار الملاك)، وأمر كهذا لا يمكن أن يمر معه من يتولى صف الأحرف - إن كان يريد ذلك - سوى بضع كلمات هنا وهناك أما أن يتولى الدس بقطعة ذات عنوان رئيسي من 8 سطور كما يظهر في الصفحة 183 من الكتاب المذكور، فهو أمر لا يعقل أقول ذلك على مفاد ما ذكره في جريدة فكر وثقافة، أما على مفاد جوابه الثالث فإن الرجل لم يدس وإنما قام بحذف مقطوعة من صفحتين ونصف الصفحة وهو المقدار الذي وزعه المعني مؤخرا، وهو أمر هو الآخر لا يمكن تعقله مع وجود تصحيح لمرات ثلاث من قبل أناس يركن إليهم بثقته.
ثالثا: أشار في الجواب الأول أن الذي دس الكلام هو بعض الناس الغافلين، وتعبير كهذا يفرض أن هؤلاء من المحبين ولكنهم غفلوا عما قاموا به، ولعل تعبيره هذا فيه شئ من
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 81 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فاتحة الكتاب 5
2 مقدمة الطبعة الثانية 7
3 مقدمة الطبعة الأولى 53
4 الإهداء 65
5 تصدير: مقتضيات البحث والحوار العلمي 67
6 الباب الأول: ما هي الولاية التكوينية؟ 93
7 الباب الثاني: دلائل ثبوت الولاية التكوينية 101
8 أولا - الدليل العقلي 105
9 ثانيا - الدليل القرآني 133
10 بين يدي الدليل القرآني 135
11 أولا - الدليل القرآني في أبعاده الكلية 145
12 ثانيا - مصاديق الدليل القرآني 154
13 ثالثا: دليل الفكر القرآني 163
14 أ - الكون أمانة بيد المعصوم 163
15 ب - تعلق الوجود على وجود المعصوم 166
16 ج - الإنذار والتبشير في عالم الجن 169
17 د - تنزل الروح في ليلة القدر 170
18 ه‍ - ما ثبت للمفضول ثبت للفاضل 171
19 و - من لديه علم القرآن كله 179
20 ثالثا - الدليل الروائي 183
21 الولاية بين الشمول والتقييد 201
22 الباب الثالث: شبهات وردود 205
23 1 - هل الولاية تعني التفويض؟ 207
24 2 - هل الولاية فعلية أم إنشائية؟ 215
25 3 - لماذا لم يستخدم المعصوم ولايته؟ 227
26 4 - علم المعصوم 241
27 أ - معرفة علم الغيب منزلة روحية 247
28 ب - الاطلاع على علم الغيب أمر ناجز 251
29 ج - حجية قول المعصوم عليه السلام 254
30 ولكن ما بال الأخبار المتعارضة 264
31 لماذا لم يتجنب المعصوم المخاطر؟ 274
32 استدراك 279