زج نفسه في متاهات التشكيك - وكان حريا به ألا يفعل -، هذا فضلا عن الجهد المحموم الذي بذله الطرف الذي تصدت المحاضرات للرد عليه وسعت إلى تفنيد شبهاته.
ولا أنوي هنا الدخول في تفسير نوايا أصحاب هذه الردود فهو ليس من شأني، ولا يهمني في ذلك إن كانت تنطلق من نوايا حسنة أو خلافها، ولكن ما يهمني هو أن أشير إلى جملة من القواعد التي افترض أنها بديهيات في قواعد البحث والحوار العلمي، حيث أجد أن تلك الردود قد خالفتها وشذت عنها إلى حد بعيد.
ومن جملة هذه القواعد أذكر ما يلي:
أ - إن البحث العلمي - أي بحث كان - لا يعتمد - قوة أو ضعفا - على المقام الاجتماعي أو الروحي للباحث - ما لم يكن معصوما - مهما كان المقام سامقا، فدليل قوة البحث هو سلامة المقدمات العلمية وقوة الأدلة والبراهين المقدمة للتدليل على فكرة ما، كائنا من كان قائلها، ويستتبع ذلك أن الكثرة العددية المحشورة وراء قبول فكرة ما، لا تدخل في دلائل سلامة الفكرة، إلا أن تكون هذه الكثرة تقف على أدلة فكرية ومنطقية مقبولة، فتكون بمثابة الداعم المعنوي للفكرة لا