بصرا في أمر الآخرة حتى أطلب الحسنات شوقا، وأفر من السيئات خوفا يا رب... " (1).
وقد خطب عليه السلام مرة محددا مواصفات الحكم الأموي وما آلت إليه الأوضاع السياسية والإدارية من وجهة النظر الإسلامية: "... أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله، ألا وأن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفئ، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وأنا أحق من غيري، وقد أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم ببيعتكم، أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن تممتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله نفسي مع أنفسكم، وأهلي مع أهليكم، فلكم في أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم بن عقيل، والمغرور من اغتر بكم، فحظكم أخطأتم، ونصيبكم ضيعتم، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه وسيغني الله عنكم (2).
هذه شذرات يسيرة من أفكاره العظيمة التي تحتل مركز الريادة في الفكر الإسلامي الأصيل، ومن شاء المزيد فليراجع سيرته العطرة، فإن له فيها خير عون على إدراك ما للحسين عليه السلام من بعد نظر وسعة فكر وإيمان (3).