الحارث يتأود في مشيته، ويخبط (1) الأرض بمحجنه (2)، وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) - وكانت له منه منزلة - فقال: كيف تجدك يا حارث؟ فقال: نال الدهر، يا أمير المؤمنين، مني، وزادني أوارا (3) وغليلا اختصام أصحابك ببابك. قال: وفيم خصومتهم؟ قال: فيك وفي الثلاثة من قبلك؛ فمن مفرط منهم غال، ومقتصد تال، ومن متردد مرتاب، لا يدري أيقدم أم يحجم. فقال: حسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط؛ إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي.
فقال له الحارث: لو كشفت - فداك أبي وامي - الرين عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا. قال (عليه السلام): قدك (4) فإنك امرؤ ملبوس عليك؛ إن دين الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله.
يا حارث، إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد. (5) 112. البيان والتبيين: نهض الحارث بن حوط الليثي إلى علي بن أبي طالب، وهو على المنبر، فقال: أتظن أنا نظن أن طلحة والزبير كانا على ضلال؟ قال:
يا حار، إنه ملبوس عليك، إن الحق لا يعرف بالرجال؛ فاعرف الحق