484. الكافي عن أبي منصور المتطبب: أخبرني رجل من أصحابي قال: كنت أنا وابن أبي العوجاء وعبد الله بن المقفع في المسجد الحرام، فقال ابن المقفع:
ترون هذا الخلق؟ - وأومأ بيده إلى موضع الطواف - ما منهم أحد أوجب له اسم الإنسانية إلا ذلك الشيخ الجالس - يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) - فأما الباقون فرعاع وبهائم. فقال له ابن أبي العوجاء: وكيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟ قال: لا ني رأيت عنده ما لم أره عندهم. فقال له ابن أبي العوجاء: لا بد من اختبار ما قلت فيه منه.
فقال له ابن المقفع: لا تفعل؛ فإني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك! فقال:
ليس ذا رأيك ولكن تخاف أن يضعف رأيك عندي في إحلالك إياه المحل الذي وصفت! فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت علي هذا فقم إليه، وتحفظ ما استطعت من الزلل، ولا تثن عنانك إلى استرسال؛ فيسلمك إلى عقال، وسمه ما لك أو عليك. فقام ابن أبي العوجاء وبقيت أنا وابن المقفع جالسين، فلما رجع إلينا ابن أبي العوجاء قال: ويلك يا بن المقفع! ما هذا ببشر! وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا! فقال له: وكيف ذلك؟ قال: جلست إليه، فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال: إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء، وهو على ما يقولون - يعني أهل الطواف - فقد سلموا وعطبتم، وإن يكن الأمر على ما تقولون - وليس كما تقولون - فقد استويتم وهم. فقلت له: يرحمك الله! وأي شيء نقول؟ وأي شيء يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحدا.
فقال: وكيف يكون قولك وقولهم واحدا وهم يقولون: أن لهم معادا وثوابا وعقابا، ويدينون بأن في السماء إلها، وأنها عمران، وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد؟!