فقال ابن أبي العوجاء: دع ذكر محمد - (صلى الله عليه وآله) - فقد تحير فيه عقلي، وضل في أمره فكري، وحدثنا في ذكر الأصل الذي يمشي به. ثم ذكر ابتداء الأشياء، وزعم أن ذلك بإهمال لا صنعة فيه ولا تقدير، ولا صانع له ولا مدبر؛ بل الأشياء تتكون من ذاتها بلا مدبر، وعلى هذا كانت الدنيا لم تزل ولا تزال.
قال المفضل: فلم أملك نفسي غضبا وغيظا وحنقا، فقلت: يا عدو الله! ألحدت في دين الله، وأنكرت الباري - جل قدسه - الذي خلقك في أحسن تقويم، وصورك في أتم صورة، نقلك في أحوالك حتى بلغ بك إلى حيث انتهيت، فلو تفكرت في نفسك وصدقك لطيف حسك لوجدت دلائل الربوبية وآثار الصنعة فيك قائمة، وشواهده - جل وتقدس - في خلقك واضحة، وبراهينه لك لائحة!
فقال: يا هذا، إن كنت من أهل الكلام كلمناك؛ فإن ثبت لك حجة تبعناك، وإن لم تكن منهم فلا كلام لك، وإن كنت من أصحاب جعفر بن محمد الصادق فما هكذا يخاطبنا، ولا بمثل دليلك يجادلنا! ولقد سمع من كلامنا أكثر مما سمعت، فما أفحش في خطابنا، ولا تعدى في جوابنا.
وإنه للحليم الرزين العاقل الرصين؛ لا يعتريه خرق ولا طيش ولا نزق.
ويسمع كلامنا، ويصغي إلينا، ويستعرف حجتنا، حتى استفرغنا ما عندنا وظننا أنا قد قطعناه أدحض حجتنا بكلام يسير وخطاب قصير، يلزمنا به الحجة، ويقطع العذر، ولا نستطيع لجوابه ردا، فإن كنت من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه.... (1)