التبليغ في الكتاب والسنة - محمد الريشهري - الصفحة ١٩٤
435. الإمام الصادق (عليه السلام): الكذب على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله) من الكبائر (1). (2)
١. الكافي: ٢ / ٣٣٩ / ٥، الفقيه: ٣ / ٥٦٩ / ٤٩٤١، ثواب الأعمال: ٣١٨ / ١، تفسير العياشي:
١ / ٢٣٨ / ١٠٦ كلها عن أبي خديجة وفيها زيادة " وعلى الأوصياء (عليهم السلام) "، بحار الأنوار: ٢ / 117 / 17.
2. من المناسب ذكر حكايتين في هذا المجال نقلهما المحدث النوري في بحث " اجتناب الكذب في ذكر مصائب سيد الشهداء (عليه السلام) ":
1 - جاء شخص في مدينة كرمانشاه إلى العالم الكامل فريد أغا محمد علي صاحب " المقامع " (رحمه الله) وقال له: " رأيت في المنام كأني اقطع جسد سيد الشهداء (عليه السلام) بأسناني!
فأطرق فريد أغا محمد علي برأسه وتأمل مليا، ثم قال له - ولم يكن يعرفه من قبل -: لعلك خطيب حسيني!
قال: نعم.
قال: فإما أن تترك عملك هذا، وإما أن تلتزم بالنقل عن كتب معتبرة. (لؤلؤ ومرجان (بالفارسية):
ص 169).
2 - قال الخطيب الحسيني البارع علوي فاضل: رأيت ذات ليلة في عالم الرؤيا كأن القيامة قد قامت، والناس في غاية الهلع والحيرة، وكان كل منهم مشغولا بأمره، والملائكة تسوقهم نحو الحساب، وقد وكل بكل شخص ملكان. ولما رأيت هذا الخطب أخذت أفكر في عاقبة أمري، وأتساءل: إلى أين ستنتهي الامور؟ عند ذلك جاءني اثنان من الملائكة، وأمراني بالمثول بين يدي خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله). ولما أدركت خطورة الموقف تماهلت في الامتثال، لكنهما قاداني قهرا؛ وصار أحدهما يمشي أمامي والآخر ورائي وأنا أتوسطهما والرعب يملأ أوصالي. وفي هذه اللحظات رأيت محملا كبيرا يحمله جماعة على أكتافهم يسير من جهة اليمين، فعلمت بإلهام إلهي أن في ذلك المحمل سيدة نساء العالمين؛ فاطمة (عليها السلام). ولما اقتربنا من المحمل انتهزت فرصة الهرب من بين قبضة الموكلين متجها نحو المحمل حتى وقفت تحته. عند ذلك نظرت فوجدت نفسي في قلعة حصينة كان قد لجأ إليها جماعة من المذنبين قبلي. ورأيت الحراس لا يستطيعون الاقتراب من المحمل، ولكنهم بقوا يسايرونه عن بعد، ويشيرون إلينا متوسلين بأن نرجع إليهم، ثم لوحوا لنا ثانية مهددين، لكننا لم نأبه بهم، بل لما رأينا أنفسنا في موقع منيع أخذنا نحن أيضا نهددهم. وبقينا نمشي تحت المحمل بكل جرأة، وإذا بمبعوث يجيء من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السيدة الزهراء (عليها السلام) فقال لها - عن لسانه (صلى الله عليه وآله) -: " إن بعض مذنبي امتي قد لاذوا بك، ابعثيهم إلينا لكي نحاسبهم.
ثم إن السيدة الزهراء (عليها السلام) أشارت، فأحاط بنا الحراس من كل جانب، واقتادونا نحو موضع الحساب، فرأينا هناك منبرا عاليا جدا له درجات كثيرة، وسيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله) جالس على أعلى درجة منه، وأمير المؤمنين (عليه السلام) واقف على الدرجة الاولى يحاسب الناس وهم مصطفون أمامه. ولما وصل الدور إلي، خاطبني موبخا بقوله: لماذا وصفت ولدي الحسين بالذل، ونسبت إليه الهوان والخنوع؟!
بقيت متحيرا في الجواب، ولم أجد لنفسي مهربا سوى الإنكار، فعمدت إلى إنكار أن أكون قد فعلت ذلك. وفجأة شعرت بألم في ذراعي اليمنى؛ أحسست كأن مسمارا حديديا غرز فيها. فالتفت فرأيت رجلا بيده طومار، أعطانيه ففتحته، فرأيت فيه ما حاضرته من خطبي التي كنت ألقيتها موثقة بالزمان والمكان، وقد سجل فيها كل ما ألقيته، بما في ذلك الفقرة التي سألوني عنها.
فتبادرت إلى ذهني حيلة أخرى، فقلت: إن هذا الكلام أورده المجلسي (رحمه الله) في المجلد العاشر من كتاب " بحار الأنوار ".
فقال (عليه السلام) لأحد الخدام: " اذهب واجلب ذلك الكتاب من المجلسي ".
التفت، فرأيت إلى يمين المنبر صفوفا طويلة أولها إلى جانب المنبر وآخرها إلى ما شاء الله، وكل عالم واضع مؤلفاته أمامه. وكان الشخص الأول في الصف الأول هو المرحوم المجلسي، ولما أخبره المبعوث بفحوى ما جاء به، أخذ ذلك الكتاب من بين تلك الكتب وأعطاه إياه، فأخذه وجاء به، فأشار (عليه السلام) بأن يعطيه لي، فتناولته وغبت في بحر من الحيرة؛ لأن غرضي من تلك الحيلة كان التخلص من تلك الورطة.
فأخذت اقلب صفحاته عبثا. وفي تلك الأثناء خطرت على بالي حيلة أخرى، فقلت: أنا رأيت ذلك في مقتل الحاج الملا صالح البرغاني. فأمر خادما له: اذهب وقل له يأتي بكتابه، وكان الحاج البرغاني سادس أو سابع شخص في الصف السادس أو السابع، فتناول كتابه وجاء.
ثم أمرني أن أعثر على تلك الفقرة في ذلك الكتاب، فاضطربت مرة أخرى، وأغلقت كل سبل الخلاص أمامي، فأخذت اقلب صفحاته عبثا وقلبي مملوء رعبا، إلى أن استيقظت من النوم!
وبعد هذه الرؤيا، جمع ذلك الخطيب جماعة من أبناء صناعته وحكى لهم ما رآه في المنام، ثم قال:
إنني لا أجد في نفسي مقدرة على توفير شروط الخطابة. ولهذا فإنني أترك هذا العمل، وعلى كل من يصدق كلامي أن يكف هو الآخر عن هذا العمل.
وعلى الرغم من أنه كانت تصله سنويا مبالغ طائلة عن هذا الطريق، إلا أنه غض النظر عنها وكف عن ممارسة الخطابة. (المصدر السابق: 181).