الحديث 223. السيرة النبوية عن ابن إسحاق - في ذكر مواجهة مشركي قريش للنبي (صلى الله عليه وآله) في بداية الدعوة -: قالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا؛ فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه؛ فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه. فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا، وردهم ردا جميلا، فانصرفوا عنه. ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ما هو عليه؛ يظهر دين الله ويدعو إليه، ثم جرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا، وأكثرت قريش ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينها، فتذامروا فيه، وحض بعضهم بعضا عليه. ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى، فقالوا له: يا أبا طالب، إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين... إن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة، بعث إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: يا بن أخي، إن قومك قد جاؤوني، فقالوا لي كذا وكذا... فقال (له) رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته. قال: ثم استعبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبكى، ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب، فقال: أقبل يا بن أخي. قال: فأقبل عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا. (1)
(١٢٦)