(فرقة) حكموا بفسقه وأوجبوا بغضه في الله وأجازوا لعنه ومنعوا من تسويده والترضي عنه تعظيما له وإجلالا، وهم أهل الحق والهدى ورئيسهم الأكبر يعسوب الدين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده.
(وفرقة) ثانية آنست من الحق جانبا وأدركت من شعاع الحقيقة وميضا وعرفت معاوية وفظاعة شأنه وعظيم طغيانه وفاحش عصيانه، ولكن قامت لديهم شبه زخرفها متقدموهم ونمقها سابقوهم فأحجموا بسببها عن تفسيقه وإعلان بغضه ولم يجيزوا لأنفسهم ما أجازته الفرقة الأولى، زاعمين أن السلامة في المسألة والنجاة في الاحتياط، وجمدوا على ذلك وقعدوا عن الإجتهاد والبحث في إحقاق الحق وإبطال الباطل.
وهذه الفرقة المرجو لها إن شاء الله الرجوع إلى الصواب والتنكب عن مسالك الخطأ، إذا انقشع بالبحث غبار الشبه التي قامت لديهم وأزيح ستار التمويه الملتبس عليهم، لا سيما إذا استحضروا قول الله تبارك وتعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما.
(وفرقة) ثالثة أطروه بما ليس فيه، وألبسوه غير لباسه، ووضعوا الأحاديث في فضله، وانتحلوا له المناقب، وبدلوا سيئاته حسنات، يريدون أن يرفعوا له في الدين علما وضعه الله، ويحاولون أن ينصبوا له من الحق لواء نكسه الله، عنادا للحق ومغالاة في التعصب، لا يلتفتون إلى دليل ولا يقبلون حجة! يدفعون المتواتر في شأنه بالتأويل ويقابلون الآحاد بالتضعيف، ليزهقوا روح الحق وينعشوا روح الباطل!! ولهم أتباع وأذناب منتشرون في نواحي