(وحيث) أني أرى الحق مع العالم الأول، وأرى أن هذا المجيب قد استعجل في أمر كان له فيه أناة، لم يسعني إلا أن أكتب هنا ما علمته وتحققته في هذه المسألة، هربا من الوعيد الوارد في قول الله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا، فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم. وفي قوله عز وجل: إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا، أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار، ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. وفي قوله جل وعلا: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه. وفي قول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: من كتم علما عن أهله ألجم يوم القيمة لجاما من نار.. إلى غير ذلك.
وأرجو أن يعيد ذلك المجيب الفاضل النظر فيما قاله، إذ لا ريب في أن الحق ضالته وضالتي، وقد استحسنت أن آتي على المسألة بحذافيرها، وأبين أدلتها وما يتفرع عنها في هذه العجالة، وسيأتي في مطاوي فصولها ما هو كالجواب على أدلة ذلك العالم الفاضل.
وها أنا شارع بعون الله في تحليل المسألة المسؤول عنها، وتقرير حكمها تقريرا واضحا، يهتدي به إن شاء الله من أطرح التعصب الذميم جانبا، ويستبصر به من كان في معرفة الحق راغبا، ويجد به المنصف ضالته المنشودة ويظفر منه الطالب بطلبته المفقودة، فأقول:
إعلم وفقني الله وإياك أن الخطر هو الإشراف على الهلاك، وهو هنا الإثم الموجب للعقاب، واللعن هو الطرد والإبعاد، ولعنه الله: طرده وأبعده،