الانتصار - العاملي - ج ٥ - الصفحة ٤٣٦
وخارجها لبينه لهم (ص) لأنه في مقام بيان ما أنزل إليه من ربه. فلا بد لمفتيهم أن يفتي بحرمة ذلك، لأنه زيادة على تعليمه (ص) واستدراك عليه فهو بدعة محرمة، وصاحبها مبتدع فاسق يجب تحذير المسلمين منه ومن بدعته!
وغاية ما يمكنهم قوله للخروج من البدعة أن يدعوا وجود دليل آخر يدل على جواز ذلك، كما قال الشيخ الألباني: (والسر في ذلك أن هذا العموم المدعى إنما هو خاص بالتشهد في الصلاة، كما أفادته بعض الأحاديث الصحيحة، ونبه عليه الإمام البيهقي فيما ذكره الحافظ في فتح الباري).
ولكنه لم يذكر هذه الأحاديث الصحيحة، التي يجب أن تكون على درجة قوية من الدلالة والصحة، حتى تنهض بتقييد إطلاق التعليم النبوي، وتصلح للخروج عن التحريم الأصلي عندهم، وهو هنا تحريمان: تحريم الزيادة والاستدراك على النبي (ص) وتحريم الصلاة على أحد إلا بنص شرعي!
والمشكلة الثانية: التي تواجه المصلين على الصحابة، هي عدم جواز تعميم الصلاة عليهم جميعا بدود تخصيص أو تقييد..
والدليل عليه أن مصطلح الصحابة عندهم يشمل أكثر من مئة ألف شخص، وهؤلاء فيهم من شاركوا في محاولة اغتيال النبي (ص) ليلة العقبة، وفيهم من ثبت نفاقهم بنص القرآن ونص النبي (ص)، وفيهم جماعة شهد النبي (ص) بأنهم سوف ينقلبون من بعده، ويمنعون من ورود حوضه ويؤمر بهم إلى النار!
فيكون حكم الصحابة حكم الشبهة المحصورة، كما لو اشتبه المال الحلال بالحرام، أو الظروف الطاهرة بالنجسة، والفتوى المتفق عليه فيها إما اجتنابها جميعا، أو وجوب تمييز الحلال من الحرام والطاهر من النجس منها، قبل التصرف فيها.. فلا بد للمصلين على الصحابة إذا استطاعوا أن يحلوا
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»
الفهرست