علم الدين علم تخصصي، كعلم الطب مثلا، بل هو أوسع من الطب وأعمق، لأنه يشمل أهم المجالات النظرية والعملية التي يحتاجها الإنسان. فلا بد أن يكون فيه خبراء متخصصون يأخذه الناس منهم. وهم عندنا النبي وآله صلى الله عليه وآله.. وفي زمن الفترة والغيبة هم المجتهدون الجامعون للشروط.
وهم الذين سميت استنباطهم (الاجتهاد بالمعنى الأخص) ويقابله الاجتهاد بالمعنى الأعم، وهو ما يكتبه الكتاب والمؤلفون في قضايا الفكر الإسلامي والمسائل والمشاكل الإسلامية، ويقدمونه إلى المسلمين الشيعة على أنه من الإسلام والتشيع.. ولا بأس بهذا الاصطلاح.. لكن لنعبر عن المجتهد بالمعنى الأخص بالمرجع، وعن غيره بالكاتب أو الخطيب أو المجتهد بالمعنى الأعم.
وهنا سؤال أساسي وهو:
أن المرجع هو الذي يحدد مجال استنباطه وما يجوز له الاجتهاد فيه وما لا يجوز، وهل يقدمه إلى الناس على أنه من الدين، أو أنه احتياط منه.. إلخ.
لأن مسألة حدود الاجتهاد مسألة فقهية، فلا بد أن يجتهد فيها.
فمن الذي يحدد مجال الكتابة والخطابة للكاتب أو الخطيب أو المجتهد بالمعنى الأعم؟
ومن الذي يحدد الأسلوب الذي يقدم به نتاجه للناس، ومتى يجب عليه أن ينص لهم أن هذا رأيي الشخصي وراجعوا مرجع تقليدكم، حتى لا يكون تغريرا بهم، ودعوة منه إلى تقليد نفسه؟!
لا بد لنا من القول إن المجتهد هو الذي يحدد ذلك، لأنه مسألة فقهية. فلا شرعية لكتابات الكاتب وخطابة الخطيب غير المجتهد إلا إذا كانت ضمن الخطوط الجائزة له بفتوى مرجع تقليده.