4 - هناك حجب كثيرة قد تكون حاجزا عن اكتشاف الحق، فلا بد من الالتفات إليها ومراعاتها حتى تكون الحقيقة أكثر وضوحا وضياء، ومن بين هذه الحجب:
أ - حب الذات: وهو شر داء، يصيب كل إنسان، فمنه تنعكس كل صفة ذميمة مثل الحسد والحقد والعناد، فعندما يجعل الإنسان أفكاره ومعتقداته جزءا من ذاته وكيانه حتى ولو كانت خرافية لا يمكن أن يتقبل أي نقد لها، لأنه يعتبر نقدها نقدا لذاته وكيانه، فبغريزة الدفاع عن النفس وحبها يستبسل في الدفاع عنها من غير وعي وفهم، وأحيانا يتعصب لفكرة لأنها تجلب له نفعا أو تدفع عنه ضرا يتلون معها ويحامي عنها، ويرفض بذلك كل الأفكار حتى ولو كانت حقيقتها ظاهرة للعيان، وقد يحب الفكرة أيضا لأنها تنسجم مع هواه أو هوى مجتمعه فلا يتنازل عنها.
ب - حب الآباء: وهو يبعث الإنسان في تقليدهم من غير تفكر وتدبر، فتحت داعي الاحترام والخشية بالإضافة إلى الوراثة والتربية يسلم المرء تسليما مطلقا بأفكارهم وعقائدهم، وهذا من أعظم الحجب التي تمنع الإنسان من اكتشاف الحقيقة. قال تعالى (... حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون) المائدة 104.
ج - حب السلف، إن النظرة القدسية للعلماء السابقين والعظماء تدعو الإنسان إلى تقليدهم مطلقا والاتكال على أفكارهم، فالاستسلام لهذا التقليد مدعاة لعدم فهم الحقيقة، فلم يجعل الله تعالى عقولهم حجة علينا، وإنما عقل كل إنسان حجة عليه، فلا يمنعنا احترامنا لهم من مناقشة أفكارهم والتدقيق فيها... ومعرفة على أي نحو نسير.