الاعتبار، ونلتزم بها، وهي أن نلمس يد الله تعالى ورعايته لنا في حياتنا، ونستشعر معية الله تعالى لنا في كل حركة وسكون. والإنسان عندما يتجرد عن الحوار العقائدي القائم في التأريخ العقلي الإسلامي ويعود إلى نفسه يؤمن بشكل واضح - ومن غير ترديد - إن الله تعالى لم يتخل عنه في لحظة من لحظات حياته، ولم ينفرد الانسان ولم يستقل عن رعاية الله ويد الله في شئ من حياته.
ولو أن الله تعالى تخلى عن الكون لتلاشي الكون. ولو أن الله تعالى تخلى عن الانسان وأوكله إلى نفسه، وإلى نظام القضاء والقدر لبلغ الانسان منذ أمد بعيد طريقا مسدودا.
ولكن رعاية الله تعالى تواكب مسيرة الانسان وحركته الفردية والتأريخية، وترعاه عند كل منعطف، وفي كل مشكلة، وتسدده، وتهديه، وتعينه، وتلطف به، وتستر عليه، وتحفظه.
إن قراءة عامة لكتاب الله تعالى تعمق فينا هذا الاحساس بشكل واضح، وتشعرنا أن القرآن يريد أن يربط مسيرتنا وحياتنا بالمعية والرعاية الإلهية، ويربينا على الإحساس بالستر الدائم المتصل لله علينا، وبحفظ الله لنا وإمداده المتصل، وليس في القرآن كله رغم حرص القرآن على تثبيت مبدأ الاختيار إشارة أو إيهام بأن الانسان يستقل عن الله تعالى في الاختيار والقرار والفعل، أو أن الله تعالى أوكل الانسان إلى نفسه في الاختيار والفعل والقرار. وويل للانسان إذا أوكله الله تعالى إلى نفسه.
ومن غير الممكن في نظام الوجود وقانون العلية والإمكان من الناحية العقلية أن يستقل الانسان عن الله تعالى في القرار، والفعل والاختيار،