الأمر بين الأمرين - مركز الرسالة - الصفحة ٩٥
على الكون.
وتحتاج هذه الفقرة إلى شئ من التوضيح: أن نظام القضاء والقدر الحاكم في الكون ليس نظاما ذا بعد واحد وإنما هو نظام متعدد الأبعاد، وكل بعد منه يجري بموجب النظام بشكل قطعي ومتقن. والله تعالى مهيمن على هذه الأبعاد جميعا. يمحو منها ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
إذن: نظام القضاء والقدر في الوقت الذي لا يتخلف ولا يتزعزع، نظام خاضع لسلطان الله تعالى وهيمنته بالمحو والاثبات، فيثبت منه ما يشاء ويمحو منه ما يشاء ويغيره، وليس معنى المحو إلغاء نظام القضاء والقدر أو تعطيله، وإنما معناه تبديله بغيره. وهذا أمر يدخل في حيز سلطان الله تعالى المطلق. يقول تعالى: * (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * (الرعد 13: 39) والإنسان يتعامل مع نظام القضاء والقدر، ويتحرك ويعمل، ويختار ضمن هذا النظام الخاضع لقيمومة الله تعالى وهيمنته المطلقة. فلا يمكن أن ينفصل أو يستقل عن إرادة الله ومشيئته في حركته وعمله في دائرة هذا النظام. كيف وهذا النظام وسيط متصل بالله تعالى. وخاضع لقيمومته، وهيمنته في كل لحظة.
روى الصدوق في (التوحيد) عن عبد الله بن ميمون القداح، قال:
دخل على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أو أبي جعفر الباقر (عليه السلام) رجل من أتباع بني أمية فخفنا عليه، فقلنا له: لو تواريت، وقلنا: ليس هو ههنا. قال (عليه السلام):
ى بل إئذنوا له فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الله عز وجل عند لسان كل قائل ويد كل باسط. فهذا القائل لا يستطيع أن يقول إلا ما شاء الله، وهذا الباسط
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المركز 5
2 مقدمة الكتاب 9
3 الفصل الأول الحتمية التأريخية والحتمية الكونية 13
4 النتائج السلبية لهاتين الحتميتين 15
5 الاستغلال السياسي للحتمية التأريخية 15
6 بنو أمية والحتمية السلوكية والتأريخية 16
7 الاستغلال السياسي للحتمية الثانية 17
8 العلاقة بين الحتميتين 19
9 موقف القرآن من هاتين الحتميتين 21
10 موقف أهل البيت عليهم السلام من هاتين الحتميتين 23
11 الحتمية الأولى 24
12 الحتميات الإلهية في سلوك الانسان 25
13 أصل الكسب 26
14 مناقشة أصل الكسب 28
15 الحتميات المادية المعاصرة 29
16 نقد الحتمية التأريخية 31
17 الاستغلال السياسي للحتمية 33
18 التفويض 35
19 الفصل الثاني موقف القرآن من مسألة (الحتمية) و (استغلال الانسان) 39
20 1 - مبدأ حرية الاختيار في القرآن 39
21 2 - نفي التفويض واستغلال الانسان في القرآن 45
22 الفصل الثالث مذهب أهل البيت عليهم السلام (الامر بين الامرين) 51
23 تفسير الامر بين الامرين 52
24 السبب الذي صرف العلماء عن (الامر بين الامرين) 52
25 الاختيار ليس مساوقا للاستقلال 54
26 تفسير علماء مدرسة أهل البيت (الامر بين الامرين) 55
27 التنظير الفلسفي لارتباط الانسان بالله تعالى حدوثا وبقاء 55
28 مناهج علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام لتفسير (الامر بين الامرين) 57
29 تقرير وشرح لنظرية (الامر بين الامرين) 58
30 المثال الذي استعان به المحقق السيد الخوئي لتوضيح الامر 59
31 رأي الشيخ المفيد 60
32 1 - رفض نسبة أفعال الناس إلى الله 60
33 2 - نفي استقلال الانسان في أفعاله 65
34 الفصل الرابع أهل البيت عليهم السلام في موقع الدفاع عن (التوحيد) و (العدل) 73
35 1 - نظام القضاء والقدر في الكون 73
36 2 - القضاء والقدر هو النظام الإلهي في الكون وحياة الانسان 76
37 3 - القيمومة الإلهية الدائمة على نظام القضاء والقدر في الكون 78
38 4 - تتم المعاصي من الناس بقضاء الله وقدره ولا يعصى مغلوبا 80
39 5 - التفكيك بين إرادة الله التكوينية والتشريعية 85
40 6 - حرية الاختيار لدى الانسان داخل الدائرة الحتمية للقضاء والقدر 88
41 7 - مسؤولية الانسان في فعله 93
42 8 - الهيمنة الإلهية على حركة القضاء والقدر في الكون والتأريخ 94
43 9 - قانون الامداد والخذلان الإلهي في حياة الناس 96
44 الخاتمة 99