أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام، فبعث معاوية إلى رجل من أهل الخراج في القلزم يثق به وقال له: إن الأشتر قد ولي مصر فإن كفيتنيه - وقضيت عليه - لم آخذ منك خراجا ما بقيت وبقيت فاحتل في هلاكه ما قدرت عليه.
فاحتال هذا القلزمي في أن تظاهر له بحب علي عليه السلام وأتاه بطعام حتى إذا طعم سقاة شربة عسل قد جعل فيها سما، فلما شربها مات. فسلبوا منه كتاب أمير المؤمنين علي عليه السلام إليه - الذي يعد دستورا وقانونا في الإدارة والحكومة والسياسة الإسلامية المعروف بعهد مالك الأشتر - وأرسلوه إلى معاوية.
فجعل معاوية ينظر فيه بدقة وتمعن فتعجب من احتوائه على شتى الأصول الإدارية وشموله أرفع القيم وأتقنها، فتحير معجبا بما رآه في ذلك العهد وعزم على أن يحتفظ به.
فقال الوليد بن عقبة - وهو عند معاوية آنذاك وقد رأى إعجابه به: مر بهذه الأحاديث أن تحرق.
فقال له معاوية: مه، لا رأي لك.
فقال الوليد: أفمن الرأي أن يعلم الناس أن أحاديث أبي تراب عندك تتعلم منها؟
قال معاوية: ويحك!! أتأمرني أن أحرق علما مثل هذا! والله ما سمعت بعلم هو أجمع منه ولا أحكم.
فقال الوليد: إن كنت تعجب من علمه وقضائه فعلام تقاتله؟
فقال: لولا أن أبا تراب قتل عثمان ثم أفتانا لأخذنا عنه، ثم سكت هنيهة، ثم نظر إلى جلسائه فقال: دعوني أنظر فيه لأني ما سمعت أحكم منه وأتقن وفيه آداب