الأولى ان مبدء المسافة على ما يظهر من العرف والشرع هو خطة بلد المسافر وآخره لا منزله اما عرفا فلان المعيار عندهم في مقام تعيين مقدار سير المسافر هو البعد الواقع بين البلد الذي يخرج منه والبلد الذي يدخل فيه لا بين المكان الذي يخرج منه والمكان الذي يدخل فيه ولذا لو كان مقدار البعد الواقع بين البلدين سبعة فراسخ ونصفا بل ثلثين بل ثلاثة أرباع يرون سفر كل من سافر من أحد البلدين إلى الاخر سبعة فراسخ وثلاثة أرباع من غير التفات إلى منازل الاشخاص الواقعة في البلدين وان منزل هذا واقع في أول البلد ومنزل ذاك في وسطه أو أواخره وحينئذ إذا قيل لهم التقصير في ثمانية فراسخ يلاحظون مقدار البعد الواقع بين البلدين فان كان ثمانية فراسخ أو أكثر يقصرون والا فلا ولو كان البعد الواقع بين منازلهم الواقعة في أحد البلدين والواقعة في البلد الاخر ثمانية فراسخ بل أكثر واما شرعا فلقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع في جواب السؤال عن معنى الاستيطان في الضيعة ان يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم متى يدخلها حيث علق عليها السلام الاتمام على الدخول في الضيعة لا على الدخول في المنزل فيكشف ذلك عن أن المناط في المسافة هو بعد ما بين البلدين لا البعد الواقع بين مبدء السير ومنتهاه ولا ينافي ذلك ما في موثقة عمار من قوله عليه السلام لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ إذا لظاهر ان الترديد بملاحظة ان المنزل قد لا يكون في بلد أو قرية كما يومى إلى ذلك كلام السائل هذا مضافا إلى أن اطلاق المنزل عرفا على البلد الذي يسكن فيه شائع متعارف فيقال ان منزل فلان بلد كذا فتدبر جيدا ومن هنا يظهر انه لا منافاة بين ما ذكرنا من كون مبدء المسافة هو آخر البلد وبين ما هو ظاهر بعض الاخبار من أن المسافر يقصر حتى يرد منزله وجه عدم المنافاة هو امكان كون المراد من المنزل في تلك الأخبار بلده.
الثانية انه لا شبهة في أن مقدار من أطراف البلد يعد عرفا جزء له ولذا تريهم إذا وصلوا إلى خان أو قهوة أو بستان واقع خارج البلد يقرب منه يقولون وصلنا إلى