الفعل بقصد تقرب الغير به بمكان من الامكان وإذا امضى الشارع ذلك الفعل فلازمه عقلا حصول القرب لذلك الغير المقصود والاشكال بأنه كيف يقصد تقرب الغير بفعل لا يترتب على ذاته قرب الغير بل القرب متحصل بالقصد وهو مستلزم للدور مدفوع بأنه لا يختص بالفعل المأتى به بداعي تقرب الغير بل يجرى في الفعل الذي يأتي بداعي ان يتقرب نفس الفاعل به وحله ان نمنع توقف القربة بالفعل على اعتقاد ترتب القربة على ذات الفعل بل لو رأى حصول القربة بنفس القصد يوجد القصد لما يرى فيه من الفائدة ونظير ذلك قصد التعظيم بالانحناء مع أنه يعلم بان ذات الانحناء لا يترتب عليه التعظيم فليتأمل جيدا.
فتحصل مما ذكرنا ان صحة الاستيجار في العبادات عن الغير مما لا اشكال فيه في الجملة ولكن يمكن ان يقال ان ما قررنا أول البحث من كون العبادة عن الميت مما ينفعه الذي هو بمنزلة الصغرى لدليل صحة الإجارة محل منع فان الأخبار الدالة على ذلك مع كثرتها ليس لها اطلاق يدل على انتفاع الميت من عمل كل من صدر عنه بعنوان الميت وان كان أجيرا على ذلك والمفروض ان القرب الراجع إلى الميت من عمل الأجير موقوف على رضا الشارع بذلك بدلا عنه وبعد عدم الدليل على رضاء الشارع بهذا العمل عوضا عن الميت فبأي وجه يتمسك لحصول التقرب للميت الذي لم يصدر منه شئ وبعبارة أخرى المتيقن من الأدلة ان العمل الصادر من الولي أو المتبرع مثلا عند الشارع كالعمل الصادر من الميت بمباشرة بدنه فيتحقق بذلك التقرب المعتبر في العبادة للميت واما عمل الأجير فلم يدل على بدليته عند الشارع دليل ويمكن الجواب عن ذلك بمنع الالتزام بان ما هو دين على الميت العمل الذي يوجب حصول القرب له بل ذمته مشغولة بالعمل العبادي في مقابل العمل التوصلي والعمل العبادي يتصور علي وجهين أحدهما اعتبار المباشرة بحيث لا يجزى فعل الغير عوضا بل اللازم ان يأتي به بالمباشرة متقربا إليه عز وجل فيحصل القرب له و الثاني عدم اعتبار المباشرة فيكفي ايجاد العمل في الخارج متقربا إليه عز وجل سواء كان قصد التقرب ممن يباشر العمل أو ممن صار سببا لوجوده بواسطة الأجير