الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٦٣
ثم قال: الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال.. فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته. فلا تغرنكم هذه الدنيا فإنها تقطع رجاء من ركن إليها، وتخيب طمع من طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمته، وجنبكم رحمته. فنعم الرب ربنا، وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول محمد صلى الله عليه وآله، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم. لقد استحوذ عليكم الشيطان، فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبا لكم ولما تريدون، إنا لله وإنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين.
أيها الناس! انسبوني من أنا، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، وانظروا هل يحل لكم قتلي، وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيكم، وابن وصيه وابن عمه، وأول المؤمنين بالله، والمصدق لرسوله بما جاء من عند ربه؟! أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟! أو ليس جعفر الطيار عمي؟ أو لم يبلغكم قول رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولأخي: " هذان سيدا شباب أهل الجنة "؟! فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق، فوالله ما تعمدت الكذب منذ أن علمت أن الله يمقت عليه أهله، ويضر به من اختلقه، وإن كذبتموني فإن فيكم من إذا سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري، وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولأخي. أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟...
ثم قال عليه السلام: فإن كنتم في شك من هذا القول، أفتشكون في أني ابن
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست