الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٥٢
لكم، ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه، وانتهبتم أمواله وورثتموه، وسبيتم نساءه ونكبتموه، فتبا لكم وسحقا. ويلكم! أتدرون أي دواه دهتكم، وأي وزر على ظهوركم حملتم، وأي دماء سفكتموها، وأي كريمة أصبتموها، وأي صبية سلبتموها، وأي أموال انتهبتموها؟! قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونزعت الرحمة من قلوبكم، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ". فضج الناس بالبكاء، فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم (1).
وتلك فاطمة بنت الحسين تقف هي الأخرى في الكوفة لتخطب قائلة:
"... أما بعد يا أهل الكوفة! يا أهل المكر والغدر والخيلاء، فإنا أهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسنا، وجعل علمه عندنا، وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، ووعاء فهمه، وحكمته وحجته على الأرض في بلاده لعباده. أكرمنا الله بكرامته، وفضلنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله على كثير ممن خلق تفضلا بينا، فكذبتمونا وكفرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالا، وأموالنا نهبا... ويلكم! أتدرون أية يد طاعنتنا منكم، وأية نفس نزعت إلى قتالنا، أم بأية رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا! والله قست قلوبكم وغلظت أكبادكم، وطبع على أفئدتكم، وختم على سمعكم وبصركم، وسول لكم الشيطان وأملى لكم، وجعل على أبصاركم غشاوة فأنتم لا تهتدون. فتبا لكم يا أهل الكوفة!
أي ترات لرسول الله صلى الله عليه وآله قبلكم، وذخول لديكم، بما صنعتم بأخيه علي بن أبي طالب جدي، وبنيه وعترته الطيبين الأخيار... ". فارتفعت

(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست