يا أبا عبد الله! إني تائب، فهل لي من توبة؟ فقال الحسين عليه السلام:
نعم، يتوب الله عليك. (1) فسره قوله وتيقن النعيم الدائم. ولم يكتف بذلك حتى استأذن الحسين عليه السلام في أن يكلم القوم، فأذن له، فنادى بعسكر عبيد الله يعظهم ويبين لهم الحق، إلا أن القوم حملوا عليه بالنبل.
ولم يكتف بهذا أيضا حتى نزل إلى ساحة المعركة يدافع عن الإمام الحق أبي عبد الله الحسين عليه السلام، فقتل من أعداء الله نيفا وأربعين، ثم شدت عليه الرجالة غدرا فصرعته، فأبنه الحسين عليه السلام، وقد حزن عليه، فقال: قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيين. ثم التفت إلى الحر - وكان به رمق - فقال عليه السلام له - وهو يمسح الدم عنه -: أنت الحر كما سمتك أمك، وأنت الحر في الدنيا والآخرة. (2) * ولكي لا يدعي أحد أن الأمر التبس عليه، أقام الإمام الحسين عليه السلام على القوم حججه بالغة بينة، فخرج إليهم في ساحة كربلاء ممتطيا فرس رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد أخذ مصحفا ونشره على رأسه، فوقف بأزاء القوم، وقال: يا قوم! إن بيني وبينكم كتاب الله، وسنة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم قال عليه السلام: أنشدكم الله، هل تعرفونني من أنا؟
قالوا: أنت ابن رسول الله وسبطه. قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله،