الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٦٦
عليه فقد أوقفه على المحجة البيضاء، هو ومن معه، ذلك * (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم) * (1).
وذاك الشمر بن ذي الجوشن.. رأس البغض على آل الرسول صلى الله عليه وآله، يأتي بفتنة ليشق صف معسكر الحسين عليه السلام، فيصيح بأعلى صوته: أين بنو أختنا؟ أين العباس وإخوته؟ وقد جاء لهم بالأمان من عبيد الله بن زياد إذا هم تركوا أخاهم الحسين عليه السلام وانصرفوا، وكان له رحم بهم، إلا أن العباس وإخوته أعرضوا عن الشمر. وهنا يظهر الخلق الحسيني، فيعطي الفرصة لعدوه كيما يقول ما يريد، فيقول عليه السلام للعباس وإخوته:
أجيبوه ولو كان فاسقا، فقالوا لشمر: ما شأنك وما تريد؟
قال: يا بني أختي أنتم آمنون، لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين، والزموا طاعة... يزيد، فقال العباس - وهو الذي تعلم الإباء والوفاء من إمامه وأخيه الحسين عليه السلام: لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له! وتأمرنا أن ندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟! (2) وكان نصيب سيد شباب أهل الجنة سلام الله عليه من القوم الذين وعظهم، أن قال عمر بن سعد لأصحابه: ويحكم! اهجموا عليه.. فحملوا عليه يرمونه بالسهام حتى تخالفت بين أطناب المخيم، فدهشت النساء وأرعبن، فحمل عليهم كالليث الغضبان فلا يلحق أحدا إلا بعجه بسيفه فقتله، والسهام تأخذه من كل ناحية وهو يتقيها بصدره ونحره. (3)

١ - سورة الأنفال: ٤٢.
٢ - تذكرة خواص الأمة: ص ١٤٢، ومثير الأحزان / لابن نما: ٢٨.
٣ - مثير الأحزان / للشيخ شريف آل صاحب الجواهر.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 71 72 ... » »»
الفهرست