الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٥٩
سمعان، فأخرج خرجين مملوءين كتبا. (1) وهي كتب أهل الكوفة تشكو للحسين ظلم يزيد، ويدعونه للقدوم عليهم ليكون إمامهم، وقد جاء الإرشاد الحسيني كاشفا للحقيقة، وملزما لاتباع الحق. وفي " البيضة " قال لهم عليه السلام: أيها الناس! إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " من رأى سلطانا جائرا، مستحلا لحرام الله، ناكثا عهده، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله "، ألا وإن هؤلاء قد لزموا الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفئ، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق ممن غير.
وقد أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن أتممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن علي، وابن فاطمة بنت رسول الله، نفسي مع أنفسكم، وأهلي مع أهليكم، ولكم في أسوة. (2) ولا يرد الوصايا الحسينية إلا معاند منكر للواقع، أما طلاب الحقيقة.. فقد استقرت عليها ضمائرهم فبادروا إلى التوبة، ونقلوا رحالهم إلى معسكر الحسين عليه السلام يقاتلون دونه، وكان سيدهم في هذا الموقف: الحر بن يزيد الرياحي، حيث ضرب جواده نحو الحسين (3) منكسا رمحه، قالبا ترسه، وقد طأطأ برأسه حياء من آل الرسول، رافعا صوته:

١ - الإرشاد / للشيخ المفيد، والمناقب / لابن شهرآشوب ٢: ١٩٣.
٢ - تاريخ الطبري ٦: ٢٢٩، والكامل ٤: ٢١.
٣ - تاريخ الطبري ٦: ٢٤٤.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست