الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٥٨
والخير، ذلك لأن أخلاق الحسين عليه السلام هي من أخلاق الله تبارك وتعالى، وأخلاق الله صبر على الناس، وإمهال لهم، والرفق بهم والرحمة بحالهم، ومجادلتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى يعلموا ما جهلوه، ويفيقوا من سكرة حب الدنيا، ويتحرك فيهم عرق الغيرة على الدين، وتظهر في قلوبهم نخوة الشجاعة والشهامة والعزة فيتركوا اللهاث وراء السلطان الجائر، ويؤوبوا إلى الله مولاهم الحق.
فيوم جعجع به الحر بن يزيد الرياحي في ألف فارس ليحبسه عن الرجوع، استقبلهم الحسين عليه السلام، فحمد الله وأثنى عليه وقال:
إنها معذرة إلى الله عز وجل وإليكم، وإني لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت بها علي رسلكم.. أن أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام، ولعل الله أن يجمعنا بك على الهدى. فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فأعطوني ما أطمئن به من عهودكم ومواثيقكم... وبعد صلاة الظهر، أقبل عليهم مرة أخرى فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي، وقال:
أيها الناس! إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان. وإن أبيتم إلا الكراهية لنا، والجهل بحقنا، وكان رأيكم الآن على غير ما أتتني كتبكم انصرفت عنكم.
فقال الحر: ما أدري ما هذه الكتب التي تذكرها! فأمر الحسين عقبة بن
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست