الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٦٥
الله عليه وآله يقتل رجالهم، ويسبي نساءهم، ويرعب أطفالهم، والحسين سلام الله عليه يعلم بنيته، ولكن الأخلاق الحسينية تسدي الخير إلى كل أحد.
وقد علمنا أنه سمع رجلا عنده يقول: إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع، فقال له الحسين عليه السلام: ليس كذلك، ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر، تصيب البر والفاجر، وقد بقي الإمام الحسين عليه السلام وبعد سنين طويلة عند كلمته تلك.. فيوم عاشوراء استدعى عليه السلام عمر بن سعد ، فدعي له وكان كارها لا يحب أن يأتيه، فقال: أي عمر! أتزعم أنك تقتلني ويوليك الدعي بلاد الري وجرجان، والله لا تهنأ بذلك، عهد معهود، فاصنع ما أنت صانع، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، وكأني برأسك على قصبة يتراماه الصبيان بالكوفة ويتخذونه غرضا بينهم، فصرف بوجهه عنه مغضبا (1).
لقد وعظه الإمام الحسين عليه السلام فأبلغ، وأخبره بما نوى، وما عليه حاله، وما هو إليه في الغد مآله.. إلا أن الموعظة البالغة لا تنفع من شرح بالكفر صدرا، وعميت عينه عن الآخرة فلم يعد يرى إلا الدنيا، ومات ضميره وقسى قلبه، واستبد به الطمع إلى حد فقد عاطفته. فمن أجل أمنية لا يدري تتحقق أم لا، لا يتورع عن قتل الأولياء والأبرياء، وهتك الحرمات، وقد أخبره السبط الحسين عليه السلام أنه لن يحصل على ما أملوه. وعمر بن سعد يعلم يقينا أن ابن رسول الله صلى الله عليه وآله لم ولن يكذب، ولكن نفسه الشرهة لم تمهله ساعة يتدبر فيها فيرجع عما أقدم عليه. أما الحسين سلام الله

1 - مقتل الحسين عليه السلام / للخوارزمي 2: 8.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 71 ... » »»
الفهرست