الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٦٢
وما إن طبنا جبن ولكن * منايانا ودولة آخرينا إذا ما الموت رفع عن أناس * كلاكله أناخ بآخرينا فأفنى ذلكم سروات قومي * كما أفنى القرون الأولينا فلو خلد الملوك إذا خلدنا * ولو بقي الكرام إذا بقينا فقل للشامتين بنا: أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا ثم قال عليه السلام: أما والله لا تلبثون بعدها إلا كريثما يركب الفرس، حتى تدور بكم دور الرحى، وتعلق بكم قلق المحور... (1) وكانت موعظة بالغة الحجة، مخبرة عن الحال، والمآل، فيها التذكرة لمن أراد أن يذكر، أو كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. وكان فيها تثبيت للأخلاق الطيبة: الوفاء، وإغاثة الملهوف إذا استصرخ، والعزة والإباء، كما أن فيها ذما للأخلاق الشيطانية: الغدر، ونكث العهود، والتخاذل، والانحياز إلى الظالمين.
ولقد كانت أخلاق الإمام الحسين عليه السلام من السمو أن نصح أعداءه، ووعظ قاتليه.. فيوم عاشوراء، وبعد أن صف ابن سعد أصحابه للحرب، دعا الحسين عليه السلام براحلته فركبها، ونادى بصوت عال يسمعه جلهم: أيها الناس! اسمعوا قولي، ولا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم علي، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي هذا وأعذر فيكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي، وأعطيتموني النصف من أنفسكم كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم علي سبيل...

١ - اللهوف: ٥٦، ومقتل الحسين عليه السلام / للخوارزمي 2: 8.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست