الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٤٩
السلام: يا جون! إنما تبعتنا طلبا للعافية، فأنت في إذن مني. أي انصرف عن ساحة المعركة، فوقع على قدميه يقبلهما ويقول: أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدة أخذلكم!.. لا والله، لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فأذن له الحسين، فقتل خمسة وعشرين وقتل (1).
وقتل جميع أصحابه.. وهم متأثرون بمواعظه الشريفة، وصراحته الطيبة. فالأخلاق الحسينية أبت أية مخادعة، فلم يمن سلام الله عليه أحدا بدنيا، وإنما قال لأصحابه: إني راحل إلى القتل، إلى الشهادة.. فمن أحب أن يختار الرحيل معي فليوطن نفسه على لقاء الله بين السيوف والأسنة. واختبر إخلاصهم وصفاهم حتى اصطفاهم الله تعالى للشرف التأريخي الشامخ، أن يستشهدوا مع سيد الشهداء، الإمام الحسين صلوات الله عليه، وهم أباة أوفياء، فزعوا إلى مضاجع العز، وختموا حياتهم مرضيين، لأنهم نصروا إمامهم، وذبوا عنه..
وتنادبت للذب عنه عصبة * ورثوا المعالي أشيبا وشبابا من ينتدبهم للكريهة ينتدب * منهم ضراغمة الأسود غضابا خفوا لداعي الحرب حين دعاهم * ورسوا بعرصة كربلاء هضابا أسد قد اتخذوا الصوارم حلية * وتسربلوا حلق الدروع ثيابا تخذت عيونهم القساطل كحلها * وأكفهم فيض النحور خضابا يتمايلون.. كأنما غنى لهم * وقع الظبي وسقاهم أكوابا برقت سيوفهم فأمطرت الطلى * بدمائها، والنقع ثار سحابا

١ - مثير الأحزان / لابن نما: 33.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست