الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٤٧
قال: لا والله، لا أفعل ذلك، أكلتني السباع حيا إن فارقتك.
فقال عليه السلام: إذا أعط ابنك هذه الأثواب الخمسة ليعمل في فكاك أخيه.
وكان قيمتها ألف دينار (1).
لقد تعلم هؤلاء من الحسين السبط دروس الوفاء والتضحية، والإخلاص والإباء، فأبوا أن يخذلوا إمامهم، أو يخونوا رسول الله صلى الله عليه وآله في ولده، أو يخلوا بينه وبين عدوه العازم على قتله وإن سلموا بالفرار. أجل، فتقدموا زرافات ووحدانا، وجاهدوا دون الحق باذلين المهج الشريفة بين يدي سيدهم وإمامهم أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه حتى استشهدوا جميعا، ولسان الواقع والحال منهم يقول: أوفيت يا ابن رسول الله؟ فقد قام الحسين عليه السلام إلى الصلاة يوم العاشر من المحرم، فوقف أمامه سعيد بن عبد الله يحفظه، فاستقبل السهام بجسمه، حتى إذا أثخن بالجراح سقط إلى الأرض وهو يقول: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، وأبلغ نبيك مني السلام، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك صلى الله عليه وآله وسلم (2).
والتفت إلى الحسين قائلا: أوفيت يا ابن رسول الله؟ قال: نعم، أنت أمامي في الجنة (3). وقضى نحبه.
ولما عرف الحسين عليه السلام منهم صدق النية والإخلاص في المفاداة دونه أوقفهم على غامض القضاء فقال: إني غدا أقتل، وكلكم تقتلون معي ولا

١ - اللهوف: ص 53.
2 - مقتل العوالم / للشيخ عبد الله البحراني: ص 88.
3 - ذخيرة الدارين: 178.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست