الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٤٨
يبقى منكم أحد (1).
وكانوا كلهم قد أشربوا حب الحسين، وأخلاق الحسين، فتقدموا لا يطلبون إلا نصرته، يضربون بذلك الأمثال الرائعة في الإخلاص والتضحية والمواساة.. فحين قصد العباس عليه السلام الفرات ضاما إليه عشرين راجلا، تقدم نافع بن هلال الجملي رضوان الله عليه باللواء، فصاح عمرو بن الحجاج:
من الرجل؟
قال: جئنا لنشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه.
فقال عمرو: اشرب هنيئا ولا تحمل إلى الحسين منه.
قال نافع: لا والله، لا أشرب منه قطرة والحسين ومن معه من آله وصحبه عطاشى (2).
ووقف عابس بن شبيب الشاكري رضوان الله عليه أمام الحسين عليه السلام وقال: ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز علي منك، ولو قدرت أن أدفع الضيم عنك بشئ أعز علي من نفسي لفعلت، السلام عليك، أشهد أني على هداك وهدى أبيك. ومشى نحو القوم مصلتا سيفه وبه ضربة على جبينه، فنادى: ألا رجل! فأحجموا عنه، لأنهم عرفوه أشجع الناس.
فصاح عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة. فرمي بها، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره وشد على الناس، وإنه ليطرد أكثر من مئتين، ثم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل (3).
ووقف جون، مولى أبي ذر الغفاري أمام الحسين يستأذنه، فقال عليه

١ - نفس المهموم: ١٢٢.
٢ - مقتل محمد بن أبي طالب.
٣ - تاريخ الطبري ٦: ٢٥٤.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست