الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٤٥
لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ولم تجعلنا من المشركين. أما بعد، فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعا (1).
وقد أخبرني جدي رسول الله صلى الله عليه وآله بأني سأساق إلى العراق فأنزل أرضا يقال لها عمورا وكربلا، وفيها أستشهد، وقد قرب الموعد (2).
ألا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا، وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام. وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعا خيرا، وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم، فإن القوم إنما يطلبونني، ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري.
فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه، وأبناء عبد الله بن جعفر: لم نفعل ذلك؟
لنبقى بعدك! لا أرانا الله ذلك أبدا. بدأهم بهذا القول العباس بن علي وتابعه الهاشميون.
والتفت الحسين إلى بني عقيل وقال: حسبكم من القتل بمسلم، اذهبوا قد أذنت لكم.
فقالوا: إذا ما يقول الناس، وما نقول لهم؟ إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن برمح ولم نضرب بسيف، ولا ندري ما صنعوا! لا والله لا نفعل، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا

١ - تاريخ الطبري ٦: ٢٣٨، والكامل في التاريخ / لابن الأثير ٤: ٣٤.
٢ - إثبات الغيبة.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست