الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٠٧
وثبتت الشجاعة الحسينية موقفا صغر عنه الكثير حتى من رفض بيعة يزيد، فسرعان ما انزووا، أو بايعوا بدعوى نحن مع الأقوى، وقد رضي البعض بالمناصب وبعضهم بالهدايا والأموال، وحتى من بقي منهم فإنه بقي على هامش الأحداث، ولبني أمية طمع فيه وأمل.. إلا الإمام الحسين سلام الله عليه، فقد زرع اليأس في قلوب الأعداء، وجرى ذلك اعترافا على ألسنتهم.
وحديث (عقبة بن سمعان) يفسر حال الحسين عليه السلام، حيث قال:
صحبت الحسين من المدينة إلى مكة، ومنها إلى العراق، ولم أفارقه حتى قتل، وقد سمعت جميع كلامه، فما سمعت منه ما يتذاكر فيه الناس من أن يضع يده في يد يزيد، ولا أن يسيره إلى ثغر من الثغور، لا في المدينة ولا في مكة ولا في الطريق ولا في العراق ولا في عسكره إلى حين قتله (1).
وكتب عبيد الله بن زياد كتابا - بتأثير من الشمر - إلى ابن سعد: أما بعد، إني لم أبعثك إلى الحسين لتكف عنه، ولا لتطاوله، ولا لتمنيه السلامة، ولا لتكون له عندي شفيعا. انظر، فإن نزل حسين وأصحابه على حكمي فابعث بهم إلي سلما، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم، وتمثل بهم، فإنهم لذلك مستحقون. فإن قتل حسين فأوطئ الخيل صدره وظهره، ولست أرى أنه يضر بعد الموت ولكن على قول قلته لو قتلته لفعلت هذا به. فإن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا، وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنا قد أمرناه بذلك (2). فلما جاء الشمر بالكتاب قال له ابن سعد: ويلك! لا قرب الله دارك، وقبح الله ما جئت به، وإني لأظن أنك الذي نهيته، وأفسدت علينا أمرا رجونا أن يصلح، والله لا

١ - تاريخ الطبري ٦: ٢٣٥.
2 - تاريخ ابن الأثير 4: 23.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست