الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢١٠
درت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون (1).
وهو الذي رفض بيعة يزيد، وأجاب عمر الأطراف عندما اقترح عليه الصلح مع الطاغية يزيد، بقوله: حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبره بقتله وقتلي، وأن تربته تكون بالقرب من تربتي، أتظن أنك علمت ما لم أعلمه؟ والله لا أعطي الدنية من نفسي أبدا... (2).
قال عليه السلام ذلك وثبت عنده، وضاقت عليه الأرض ولم ير إلا عند كلمته: لو لم يكن ملجأ لما بايعت يزيد.
قال التستري رضوان الله عليه: ومنها - أي من خصائصه عليه السلام - إباء الضيم، فله نحو خاص به. قال عليه السلام لما أرادوا منه النزول على حكم يزيد وابن زياد: لا والله، لا أعطي بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد) بل يقال إنه سن إباء الضيم، وإن أباة الضيم يتأسون به (3).
والحسين عليه السلام هو الذي قالها قاطعة حازمة، صادقة جازمة: موت في عز، خير من حياة في ذل (4). وحين قدمت له الحياة المنعمة في ذل، أباها ورفضها، واختار الموت في عز.. اختار الموت ولكن أي موت! إنه الموت الصعب، الموت المتعدد، حيث رأت عيناه الكريمتان أبناءه يقتلون، ويقطعون بالسيوف ويطعنون بالرماح، ونظر إلى إخوته وأبناء إخوته وأبناء عمومته، وإلى الخلص من أصحابه يقعون على الأرض مضرجين بدمائهم على رمال كربلاء، وطالما التفتت مقلتاه الشريفتان إلى الخيم وهو يرى ببصيرته أن من فيها من النساء سيترملن، ومن الأطفال سيؤتمون، وأن في انتظارهم فجائع

١ - مقتل الحسين عليه السلام، للخوارزمي ٢: ٥.
٢ - اللهوف: ٢٣.
٣ - الخصائص الحسينية: ٢١.
٤ - المناقب 4: 68.
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست