الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٠٢
مخصوصا معاوية، قد أشرب الناس حبهم، بحيث اعتقدوا فيهم أنهم على الحق، وأن عليا وأولاده وشيعتهم على الباطل، حتى جعلوا سب علي عليه السلام من أجزاء صلاة الجمعة، وبلغ الأمر في ذلك أن بعض أتباعهم نسي السب في صلاة الجمعة حين خطبته، وسافر وذكره وهو في البرية، قضاه في محل تذكره، فبنوا هناك مسجدا سموه (مسجد الذكر)، تأكيدا لهذا الأمر. فلو كان الحسين عليه السلام يبايعهم تقية، ويسلم لهم، لم يبق من الحق أثر، فإن كثيرا من الناس اعتقدوا أنه لا مخالف لهم أي لبني أمية - في جميع الأمة، وأنهم خلفاء النبي صلى الله عليه وآله حقا، فبعد أن حاربهم الحسين عليه السلام وصدر ما صدر إلى نفسه وعياله وأطفاله وحرم الرسول صلى الله عليه و آله تنبه الناس لضلالتهم. أي ضلالة حكام بني أمية - أنهم سلاطين الجور، لا حجج الله وخلفاء النبي صلى الله عليه وآله (1).
فالحسين عليه السلام بكلماته نبه العقول، وبدمائه نبه القلوب، وبمواقفه كشف الحقائق، ورسم للأمة طريق الجهاد والعزة والكرامة.
وكان من مواقفه (صلوات الله عليه) أن رفض هدايا معاوية - كما أسلفنا (2) - فسجل أكثر من علامة.. منها: إباء نفسه الشريفة وزهده عن أطماع الدنيا، ومنها: فضحه لمعاوية الذي كان يرجو بهداياه التي سرقها من بيت مال المسلمين أن يشتري من أهل البيت عليهم السلام - وأنى له ذلك - موقف الرضى عنه وتركه وشأنه يتخذ عباد الله خولا، وأموالهم دولا، وموقف الاعتراف والإقرار بشرعية سلطانه. أو على أقل الفروض كان ينتظر أن يتوهم الناس أن الحسين عليه السلام لا يخالف معاوية في شئ، وأنه على حسن

1 - الخصائص الحسينية: 43 و 44.
2 - مطالب السؤول: 73.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست