الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٩٦
يديك في فتنة، فقد عرفت الناس وبلوتهم، فانظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد، ولا يستخفنك السفهاء والذين لا يعلمون.
فلما وصل الكتاب إلى الحسين صلوات الله عليه كتب إليه: أما بعد، فقد بلغني كتابك تذكر أنه قد بلغك عني أمور أنت لي عنها راغب، وأنا بغيرها عندك جدير، فإن الحسنات لا يهدي لها ولا يسدد إليها إلا الله.
وأما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني، فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاؤون بالنميم، وما أريد لك حربا ولا عليك خلافا. وأيم الله إني لخائف لله في ترك ذلك وما أظن الله راضيا بترك ذلك، ولا عاذرا بدون الإعذار فيه إليك، وفي أولئك القاسطين الملحدين حزب الظلمة، وأولياء الشياطين.
ألست القاتل حجرا أخا كندة والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم؟! ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة، والمواثيق المؤكدة، ولا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم، ولا بإحنة تجدها في نفسك.
أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، العبد الصالح الذي أبلته العبادة.. فنحل جسمه، وصفرت لونه، بعدما أمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة على ربك، واستخفافا بذلك العهد.
أو لست المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف؟!
فزعمت أنه ابن أبيك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الولد للفراش وللعاهر الحجر " فتركت سنة رسول الله تعمدا وتبعت هواك بغير هدى من الله، ثم سلطته على العراقين: يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم، ويسمل أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل، كأنك لست من هذه الأمة،
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست