الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٠٨
يستسلم حسين، فإن نفس أبيه بين جنبيه (1).
- الإباء السامق: الشجاعة - كما قدمنا - ليست مجرد إقدام على الخصم، وإهواء السيف على رأسه.. إنما الشجاعة الحقة ما كانت جهادا في سبيل الله، وتحقيقا لطاعة الله، وإقداما على هدى من الله، ودفعا لأعداء الله، وتحصينا لدين الله، وحماية لعباد الله. وإلى ذلك كله لا بد للشجاعة الحقيقية أن تعبر عن العزة والكرامة والإباء، وعن الشهامة والمروءة والترفع عن حب الدنيا وأطماعها، فإن الشجاعة مجردة عن ذلك تكون تهورا وحبا للانتقام وطلبا للسمعة، ووقوعا في معصية الله، وسقوطا في شراك الشيطان. فقد يظن القاتل أنه شجاع، فإذا تأمل وجد أنه قاتل للنفس المحترمة، ومن جهة أخرى أنه عبد لنزواته، ومن جهة ثالثة أنه ذليل بطاعته للشيطان وهوى النفس، وإقدامه على القتال طمعا في دنيا، ورغبة في شهرة، فلم تكن شجاعته لله، ولا في سبيل الله. بينما الشجاعة في الدين عزة..
يقول أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه: الشجاعة عز حاضر.
الشجاعة أحد العزين (2).
وكيف تكون الشجاعة عزا إذا لم تكن رفضا للظلم، وترفعا عن الطمع، وإباء، ونخوة وغيرة على الاسلام.
يقول الإمام علي سلام الله عليه: جبلت الشجاعة على ثلاث طباع، لكل واحدة منهن فضيلة ليست للأخرى: السخاء بالنفس، والأنفة من الذل، وطلب الذكر. فإن تكاملت في الشجاع كان البطل الذي لا يقام سبيله، والموسوم بالإقدام في عصره، وإن تفاضلت فيه بعضها على بعض كانت شجاعته في

١ - تاريخ الطبري ٦: ٢٣٦.
2 - غرر الحكم.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست