على رغم خيانات زعماء قريش بعد فتح مكة وتآمرهم.. فقد حاول النبي صلى الله عليه وآله أن يستقطبهم، فأكرمهم وتألفهم وأعطاهم أكثر غنائم معركة حنين! وأطمعهم بالمستقبل إن هم أسلموا وحسن إسلامهم... إلخ.
لقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وآله أن يقاوم عقدهم بنور الحلم، وظلماتهم بنور الإحسان ..!! ليس من أجل كرامتهم على الله تعالى، بل من أجل أجيال ستأتي ومسيرة لا بد أن تنطلق في العالم!
وفي هذه الفترة تراجعت زعامة أبي سفيان، ولم يبق منها عند قريش إلا (أمجاد) حربه لمحمد صلى الله عليه وآله!
فشخصية أبي سفيان تصلح للزعامة في الحرب فقط وفي التجارة، ولا تصلح للزعامة والعمل السياسي في السلم، لذلك تراه بعد أن انكسر في فتح مكة ذهب إلى المدينة وطلب منصبا من محمد صلى الله عليه وآله، فعينه جابيا للزكاة من بعض القبائل!!
ثم أبو سفيان من بني عبد شمس، أبناء عم بني عبد المطلب.. وقد أعطاه النبي في فتح مكة امتيازا ولو شكليا، بأن من دخل داره فهو آمن.. فقريش تخشى منه أن يميل إلى بني هاشم بعد أن انكسر كقائد لجبهة لقريش.
وقد أثبت التاريخ أن الدم المزعوم بين أمية وهاشم، قد يستعمله القادة الأمويون أحيانا ، إذا رأوا في ذلك مصلحتهم!!
ففي تاريخ الطبري: 2 / 449:
حدثني محمد بن عثمان الثقفي قال حدثنا أمية بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت قال لما استخلف أبو بكر قال أبو سفيان ما لنا ولأبي فصيل؟! إنما هي بنو عبد مناف!
قال فقيل له إنه قد ولى ابنك! قال: وصلته رحم!!
حدثت عن هشام قال حدثني عوانة قال: لما اجتمع الناس على بيعة أبي بكر أقبل أبو سفيان وهو يقول: والله إني لأرى عجاجة لا يطفؤها إلا دم! يا آل عبد مناف فيما أبو بكر من أموركم؟! أين المستضعفان؟ أين الأذلان علي والعباس؟
وقال: أبا حسن أبسط يدك حتى أبايعك، فأبى علي عليه، فجعل يتمثل بشعر المتلمس:
ولن يقيم على خسف يراد به إلا الأذلان عير الحي والوتد