.. ولكن في المقابل ظهر فيهم منطق يقول: إن دولة محمد دولتنا.. فمحمد أخ كريم، وابن أخ كريم، ودولته دولة قريش، وعزه عزها وفخره فخرها، ومهما كان محمد.. فهو ابن قريش، ودولته أوسع من دولة قريش وأقوى، وقد عفا عنها وفتح المجال أمام زعمائها في أجهزة هذه الدولة، فلماذا نحاربها، ولماذا نتركها بأيدي الأنصار الغرباء من الأوس والخزرج اليمانيين!
أما مسألة من يرث دولة محمد بعده، فهي مسألة قابلة للعلاج، وهي على كل حال مسألة قرشية داخلية!!
من البديهي أن يفهم الباحث أن قريشا وجهت جهودها لمرحلة ما بعد محمد صلى الله عليه وآله ، وأن الهدف الأهم عندها كان: منع محمد أن يرتب الأمر من بعده لبني هاشم، ويجمع لهم بين النبوة والخلافة على حد تعبير قريش والناطق الجديد باسمها عمر! فالنبوة لبني هاشم ، ولكن خلافة محمد يجب أن تكون لقبائل قريش غير بني هاشم!
لكن رغم وجود هذا المنطق، فإن النصوص واعترافات بعض زعمائهم تدل على أنهم كانوا يعملون على كل الجبهات الممكنة! وأن أكثريتهم كانوا يائسين من أن يشركهم محمد في حكم دولته ، لأنه يعمل بجد لتركيز حكم عترته من بعده.. لذلك اتجه تفكيرهم بعد فتح مكة إلى اغتيال النبي صلى الله عليه وآله.. وسرعان ما حاولوا تنفيذ ذلك في حنين بعد أيام من فتح مكة !!
إن فراعنة قريش يهود هذه الأمة، فهم لا يعرفون الوفاء، بل كأنهم يصابون بالصداع إذا لم يغدروا بمن عفا عنهم وأحسن إليهم!!
لقد أعلنوا إسلامهم، وادعوا أنهم ذاهبون مع النبي صلى الله عليه وآله إلى حنين ليساعدوه في حربه ضد قبيلتي هوازن وغطفان، وكان عدد جيش القرشيين ألفين، وعدد جيش النبي صلى الله عليه وآله الذي فتح مكة عشرة آلاف، وعندما التقوا بهوازن في حنين انهزموا من أول رشقة سهام فسببوا الهزيمة في صفوف المسلمين فانهزموا جميعا، كما حدث في أحد!
وثبت النبي صلى الله عليه وآله ومعه بنو هاشم فقط، كالعادة، وقاتلوا بشدة مع مئة رجعوا إليهم من الفارين حتى ردوا الحملة، ثم رجع آخرون من المسلمين الفارين.. وكتب الله النصر.