الدراهم ثلاثة وستين درهما، فاشترى فراشا من خيش حشوه الصوف فيه نطعا من أدم ووسادة من أدم حشوه الليف، وقربة للماء وكيزانا وستر صوف.
فحمل أبو بكر بعضه وسلمان بعضه وبلال بعضه، ووضعوه بين يديه صلى الله عليه وسلم، فلما رآه بكى، ثم رفع رأسه وقال: اللهم لقوم شعارهم الخوف منك، ودفع باقي الدراهم إلى أم سلمة واستحفظها.
قال علي: ومكثت شهرا لا أعاوده صلى الله عليه وسلم حياء، ولكن كلما خلى بي يقول لي: يا علي زوجتك سيدة نساء العالمين، فلما انتهى شهر دخل علي أخي عقيل وقال: ما فرحت بشئ كفرحي بتزويجك، فإن تدخل قرت أعيننا باجتماع النسل. فقلت: والله إني أحب ذلك ولكني استحيي أن أقول له صلى الله عليه وسلم فقال عقيل: أقسمت عليك إلا ما قمت معي، فقمت معه نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأينا في الطريق أم أيمن مولاته وذكرنا لها ذلك، فقالت: مهلا حتى أكلمه، فإن كلام النساء أوقع في النفس، فرجعت إلى أم سلمة وأعلمتها بذلك، فاجتمعن أمهات المؤمنين في بيت عائشة وأحدقن به وقلن فديناك بآبائنا وأمهاتنا إنا اجتمعنا لأمر لو أن خديجة في الحياة لقرت بذلك عينا.
فلما سمع ذكر خديجة بكى صلى الله عليه وسلم فقال: أين مثل خديجة، صدقتني حين كذبني الناس، وواستني مالها حين حرمني الناس، وأعانتني على ديني ودنياي. فقالت أم سلمة: خديجة كذلك، ولكن هذا ابن عمك يريد أن يدخل على أهله، فقال: أرسلي إلى أم أيمن، وأمر بها إلى علي أن تنطلق إلى علي فتأتيني به، فخرجت أم أيمن وإذا علي ينتظرها، فقالت: أجب النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتاه في حجرة عائشة وجلس مطرقا، فأعلمه صلى الله عليه وسلم أنه يدخل على أهله ليلته، ودفع إليه عشرة دراهم، وقال: اشتري بهذا سمنا وتمرا وأقطا، ففعل وأتى به، فحسر صلى الله عليه وسلم عن ذراعيه وشد في التمر بالسمن، ثم خلط