بين الناس، ويحدد الحقوق والواجبات.
وجوابنا على هذا كله: ان واقع الإسلام، وواقع الاقتصاد الإسلامي، لا يتفق اطلاقا مع هذا التفسير، الذي ينزل بالاقتصاد الإسلامي عن مستوى مذهب، إلى مستوى نصائح وأوامر أخلاقية.
صحيح، ان الاتجاه الأخلاقي واضح، في كل التعاليم الإسلامية.
وصحيح، ان الإسلام، يحتوي على مجموعة ضخمة، من التعاليم والأوامر الأخلاقية، في كل مجالات الحياة، والسلوك البشري وفي المجال الاقتصادي خاصة.
وصحيح، ان الإسلام، حشد أروع الأساليب، لتنشئة الفرد المسلم على القيم الخلقية، وتنمية طاقاته الخيرة، وتحقيق المثل الكامل فيه.
ولكن هذا لا يعني، ان الإسلام، اقتصر على تربية الفرد خلقيا، وترك تنظيم المجتمع.
ولا ان الإسلام، كان واعظا للفرد، فحسب، ولم يكن إلى جانب ذلك، مذهبا ونظاما للمجتمع، في مختلف مجالات حياته، بما فيها حياته الاقتصادية.
ان الإسلام، لم ينه عن الظلم، ولم ينصح الناس بالعدل ولم يحذرهم من التجاوز على حقوق الآخرين، بدون ان يحدد مفاهيم الظلم والعدل، من وجهة نظره، ويحدد تلك الحقوق التي نهى عن تجاوزها.
ان الإسلام، لم يترك تلك المفاهيم، مفاهيم العدل والظلم والحق، غائمة غامضة، ولم يدع تفسيرها لغيره، كما يصنع الوعاظ الأخلاقيون. بل إنه جاء بصورة محددة، للعدالة وقواعد عامة للتعايش بين الناس، في مجالات انتاج الثروة وتوزيعها وتداولها، واعتبر كل شذوذ وانحراف، عن هذه القواعد، وتلك الصورة، التي حددها للعدالة، ظلما، وتجاوزا على حقوق الآخرين.