الوطنيين الصوريين المخلصين الحاج عبد الله يحيى، والحاج خليل إسماعيل بمحاولة للتخفيف من غلواء المنتصرين في الفئة المشايعة للاستعمار من جهة، وللحد من الثورة التي انقلبت في جبل عاملة إلى حرب عصابات من جهة أخرى، لعلهم يصلون إلى تخفيف الضغط على أبناء الشيعة من جور الحكومة المحتلة التي تجردت في معاملتها مع أبناء هذا القطر من المسلمين عن كل إنسانية ورحمة. فقام المترجم له وزميله رضا مع المجاهدين الصوريين المذكورين، فألفوا وفدا وهبطوا بيروت، فأجروا مقابلات ومحاورات مع أعيان المسيحيين وتوصلوا إلى إزالة كثير من سوء التفاهم بين عقلاء الطائفتين، وخمدت الفتنة التي أثارها الفرنسيون، لكن ذلك لم يرق للحكومة المحتلة، فوقفت حجر عثرة في سبيل التفاهم، فاتصل الوفد بالحاكم الفرنسي العام الإدارة ولاية بيروت، وقدم له عريضة بمطالب الشيعة في جبل عاملة ليرفعها إلى المندوب الفرنسي العام الجنرال " غورو " ولم يمض بضعة عشر يوما على تقديمها حتى اشتدت الأزمة بين الشام وحكومة الملك فيصل بن الحسين من جهة والفرنسيين من جهة ثانية، وأعقب ذلك دخول الفرنسيين دمشق وخروج الملك فيصل منها.
وقد عظم النضال الساسي، وتضاعفت جهود الوطنيين في المقاومة وتعزيز الروح الوطنية في نفوس الرأي العام في بلاد الشام كلها، وخاصة في البلاد الملحقة بلبنان على غير رضا منها ولا اختيار، ونشأت فكرة الوحدة السورية، فكان المترجم له وزميلاه رضا والشيخ أحمد عارف الزين من قواد هذه الفكرة، وقد نالهم من المصاعب في ذلك السبيل، ما نالهم، ولكنهم نجحوا في تنمية تلك الفكرة في البلاد العاملية، وكان منها شغل شاغل للمحتلين، وتألفت المؤتمرات الداعية للوحدة في أقطار مختلفة، وكان أول مؤتمر عقد في دمشق عام 1347 ه = 1928 م اجتمع فيه أبناء الساحل، وتألف من بضعة وسبعين مندوبا مثلوا جبل عامل وصيدا، وبيروت وبعلبك، والبقاع وطرابلس، وعكار واللاذقية، وكان المترجم له من جملة الأعضاء، ولم تشعر السلطة الفرنسية به إلا بعد الانتهاء منه. وتوالت المؤتمرات واسترم الجهاد، حتى