القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٤٩
1920 م جاء إلى النبطية القومندان " شارنبيتيه " حاكم صيدا العسكري الفرنسي، واستدعى المترجم له وزميليه رضا وجابر إلى دار الحكومة وخلا بهم، وكان مدير الناحية نخلة الخوري مترجما، فهددهم الحاكم بشدة وتهديد، فقابلوه بعدم الاكتراث وأجابوا على أسئلته بكل جرأة وصراحة فلان في حديثه، وقد صرحوا بمبدئهم العربي وأنهم لا يريدون سلطة غير عربية، وإذا احتاجت إلى إرشاد فيجب أن يكون المرشدون والمستشارون ضمن ملاك الدولة، وأمر اختيارهم منوط بها، تثبتهم إذا أحسنوا وتبدلهم إذا أساؤوا بلا حرج أو اعتراض، وبقول موجز إنهم يريدون استقلالا تاما منجزا، فأثرت فيه تلك الصراحة وأمر مدير الناحية وإدارة الشرطة بمراقبتهم لئلا يبثوا آراءهم بين الناس. وكانت أعمال المترجم له وزميله رضا في إيواء اللاجئين إلى النبطية في الثورة العاملية وحوادث " مرجعيون " كفيلة لهما بتقدير مواطنيهما من المسيحيين المنكوبين.
وفي أول شهر رمضان سنة 1338 ه‍ = أيار سنة 1920 م ساقت السلطة العسكرية حملتها على جبل عاملة، واستدعى قائد الفرقة الشمالية المترجم له وزميله رضا إلى بيت قائد النبطية العسكري - وكان خارج البلدة - واعتقلا بمجرد حضورهما وأرسلا محروسين بالجند إلى صيدا في سيارة مصفحة، ولم يعلم أحد بما وقع لهما، وأدخلا على " شارنبيتيه " فأخبرهما بأن التدابير العسكرية قضت بإبعادهما عن " النبطية "، ولبثا في " صيدا " تحت الإقامة الجبرية حتى انتهت الحملة العسكرية من جبل عامل فأطلق سراحهما، ثم دعي مع أعيان البلاد إلى صيدا لتقرير شروط الهدنة وفرض غرامة حربية مالية على الطائفة الشيعية دون غيرها من الطوائف في جيل عاملة (1)، وفرض مئة ألف ليرة عثمانية ذهبا، لكن السلطة استوفت بالقوة والشدة نحو نصف مليون ليرة.
ولم تفت تلك الحوادث المؤلمة والخيبة السياسية في عضد الوطنيين العاملين لخير بلادهم واستقلالها، فقام صاحب الترجمة وزميلة رضاع مع

(1) قال الأمير شكيب أرسلان: " أخذ الفرنسيون في الانتقام من إخواننا شيعة جبل عامل لنزعتهم العربية وتأييدهم حكومتها في الشام... " أعيان الشيعة 43 / 136.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست