بعد أن خاب مشروع " الجمعية الخيرة " الذي كان قد دعا إليه أعيان البلاد في رجب سنة 1327 ه = 1909 م، وبعد أن كثر النقد والتنديد في الجرائد بتوقيع " أبو العلاء العاملي " و " الحر العاملي " و " عدي العاملي " بالذين حاربوا المشروع، وكان لم يزل في نفس كامل شئ من الموجدة لحبوطه، فزاره الظاهر وزميلاه وتناول الحديث مشروع إنشاء كلية عاملية توافق روح العصر، وتربي الناشئة العاملية وتثقفهم ثقافة صالحة، فوعدهم بالنظر في هذا الأمر بعد رجوعه، وعقد الاجتماع في داره في " الطيبة " وانتدب المترجم له وزميله رضا للتجوال في القرى، مذكرين بفائدة هذا المشروع زهاء عشرين يوما تحملا فيها عب ء المشقة من صعوبة الطرق ومتاعب السفر، وفي 26 جمادي الأولى سنة 1328 ه = رابع نيسان 1910 م عقد الاجتماع في دار الطيبة برئاسة كبير علماء جبل عامل السيد علي محمود الأمين، وتخلف عنه جماعة من العلماء والأعيان بحجج واهية وأعذار ملفقة، مما دل على وجود يد تعمل لإحباط العمل، وكان الاجتماع الثاني بعد سنة في النبطية ولم يحضره إلا قلة، وظهر التواني والتواكل على الجميع حتى على كامل نفسه، فتفرق القوم ويئس العاملون عليه من إتمامه عن تلك الطريق، وانصرفوا إلى التفكير بطرق أخرى وأرسلوا من تيسر لهم من أذكياء الشباب إلى كليات بيروت ودمشق، ولكن لم تسعف أكثرهم الحالة المادية في الاستمرار إلى النهاية، لو لم يعمل رضا الصلح على إدخال بعضهم إلى المدرسة السلطانية في بيروت ودمشق مجانا في القسم الداخلي، وقد كان من بين أولئك الشباب نابغة الشرق في الهندسة الكهربائية حسن كامل الصباح (1) الذي هو ابن أخت العلامة الشيخ أحمد رضا.
(٥٥)