والثاني: بالحل وهو من وجوه:
1 - إن الظاهر من تحديد عدم بقاء مدعي بثلاث وعشرين سنة من كانت دعواه النبوة العامة، وهي متحققة في دعوى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) العامة الناسخة لكل دعوى نبوة، عامة ويدل على الخصوصية قوله تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين) [الحاقة / 46] والمفهوم من هذه الآية الكريمة أنه لم يؤخذ منه باليمين ولم يقطع منه الوتين، لأنه لم يتقول عليه تعالى بعض الأقاويل، ومثل هذا العقاب لازم في حكمته تعالى وفي لطفه بعباده لمن يدعي مثل هذه النبوة، وهو كاذب لما فيها من التضليل والاستغواء وعموم الفساد، لأن في مثل إبقاء مثل هذه النبوة الكاذبة في الأرض تبديلا للأديان الرسل ونسخ شرائعهم وحل نواميسهم، وليست الحال الحال في دعوى النبوة الخاصة الكاذبة.
2 - يقول ابن القيم الجوزية في كتابه (التبيان في أقسام القرآن): ولا ينتقض هذا بمن ادعى النبوة من الكذابين، فإن حاله كانت ضد حال الرسول من كل وجه، بل حالهم من أظهر الأدلة على صدق الرسول، ومن حكمة الله سبحانه أن أخرج مثل هؤلاء إلى الوجود ليعلم حال الكاذبين وحال الصادقين، وكان ظهورهم من أبين الأدلة على صدق الرسل والفرق بين هؤلاء وبينهم، فبضدها تتبين الأشياء، (والضد يظهر حسنه الضد)، فمعرفة أدلة الباطل وشبهه من أنواع أدلة الحق وبراهينه.
3 - على فرض نزول العقاب منه تعالى على كل من يدعي النبوة سواء أكانت عامة أم خاصة، فإن ذلك إنما يكون فيمن يزعم أنه جاء بدين جديد غير دين محمد ناسخ الأديان، لا فيمن يكون تابعا له غير مبدل شيئا من أصوله وفروعه، وإنما كل ما في الأمر ادعاؤه عن شبهة بقاء الوحي واستمرار النبوة، وأنه ممن يوحي إليه، وأنه نبي متابع لنبوة محمد عامل بشرعه، وفتحه باب التأويل فيما يمكن أن تكون فيه رخصة أو لا تكون ولا بعد مثله خروجا على الشريعة كما هو الظاهر من حال القادياني، فإنه مع وجود المعارض له لا يكون