القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٢٢٠
لم تحط بها علما قبل وقوعها آلات مراصدهم؟ وهل الذين ينبئون عن الحوادث الفلكية العادية والمنطبقة على نواميس قبل وقوعها، وخاصة حوادث الكسوف والخسوف بأشهر وسنين وبمئات السنين بل وبألوفها، وفي حوادث الكسوفين اللذين يحدثان في أفق دون آخر يشدون الرحال إلى بلد ذلك الأفق لرصدهما، فكيف كانوا غافلين عن مراقبة ذلك الحادث الفلكي الخارق؟ وكيف غاب عن أبصارهم مرآه وعن معارفهم حدوثه؟ وكيف عميت عنه عيون العالمين؟
إننا كنا في العام المزعوم وقوع تلك الحادثة الخارقة فيه في ميعة الشباب وفي عهد دراسة العلم وفي نفوسنا نزوع إلى الوقوف على الحركة العلمية في ذلك الزمن، وكنا نطالع مجلته المقتطف التي كانت تعنى عناية خاصة بذكر كل حدث فلكي أو جوي ميثولوجي، وكان مثل هذا الحادث لو وقع أو كان مما يمكن وقوعه من الحوادث التي لم تكن لتعرض عن تسجيلها وتدوينها وهي تعتني بتسجيل الحوادث العادية الفلكية والجوية ولم تسجله، لأنه لم يقع ولم نره ولم نسمع به إلا يوم ظهر غلام أحمد القادياني، أو ظهرت دعوته ودعواه المسيحية مؤيدة بشهادته وشهادة تابعيه، وكفي ولله حكمة باهرة في استدلالهم على دعواهم بهذا الدليل المحقق عدم وقوع مضمونه، ومنه يتبين قدر الوثوق بما نسبوا لصاحبهم من خوارق وأنباء عن مغيبات، وفي هذا الجواب تقوية للجواب عن دليلهم الرابع.
ثم إن التسليم بهذا الحديث وفرض حدوث مضمونه كما يراه القاديانيون وإن لم يره غيرهم ممن لا ينتحل نحلتهم معجزة على نبوة صاحبهم المزعوم أنه المسيح، يلزم إن صحت مسيحيته أن يتحقق مضمون الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه مسندا إلى أبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها " (1).

(1) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب 49 (نزول عيسى ابن مريم (عليه السلام))، ج 4، ص 172.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست