أولا: لدلالات وعلامات نصت عليها الأحاديث لذلك المسيح المبعوث في آخر الزمان لم يحقق المسيح الهندي منها شيئا، اللهم إلا دعاوي إنزال كتاب وعلم بالغيب وأمور خارقة يعوزها البرهان، إلى أمور أخرى لا تخرج عن مجرى العادة يشاركه فيها، بل يزيد عليه فيها عدد لا يحصى من علماء أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) العالمين.
ثانيا: إن عمدة القادياني في إثبات نبوته ونفي أن يراد في الحديث من المسيح عيسى ابن مريم هي وفاة المسيح المقطوع بها بزعمه، ولكن ذلك على تقدير تسليمه لا تثبت منه نبوته وأنه هو المسيح الموعود به، لأنه لم تجتمع فيه صفاته ولا علاماته ودلالالته، ولكن إنكاره ورود الحديث وما ورد في معناه وادعاء نبوته مستندا إلى ما أشير إليه من أدلة تولينا نقضها، أسهل من تأييد دعواه بوفاة المسيح المقطوع بها بزعمه لتنحصر المسيحية به، لأن ذلك يؤدي إلى نسبة التعجز للقدرة الإلهية، فإنه من الجائز على قدرته تعالى إحياء المسيح بعد وفاته لأداء رسالته التي هي العمل برسالة خاتم رسله في آخر الزمان، والدلائل على وقوع مثل ذلك منه تعالى كثيرة، والقادر على الانشاء قادر على إعادة الأشياء بعد الفناء، هذا إذا سلمنا أنه لا يراد من الوفاة والتوفي وما يشتق منه إلا معنى الموت.
وأما حصره معنى التوفي في الموت، فحسبنا نقضا له أن ننقل جملة من نصوص أئمة اللغة والتفسير، وإليك منها ما يتسع له المجال.
1 - التوفي تفعل من الوفاء وهو التمام، ومنه درهم واف، وأوفيت الكيل والوزن.
2 - قال الراغب الاصفهاني بعد ذكر ما شاء ذكره من مادة الوفاء: وتوفية الشئ بذله وافيا، واستيفاؤه تناوله وافيا، (وإنما توفون أجوركم) [آل عمران / 185]، (ثم توفي كل نفس) [البقرة / 281]، (إنما يوفى الصابرون أجورهم) [الزمر / 10]، (ليوفيهم أعمالهم) [الأحقاف / 19]، (يوف إليكم) [البقرة / 272]، (فوفاه حسابه) [النور / 39]. وقد عرف الموت والنوم بالتوفي،