في إحدى الحالين، إما مستقل مشرع وهو ما نفاه عن نفسه، وإما متابع عامل بشرع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو كواحد من علماء المسلمين، فأي محصل لدعوى النبوة ودعوى مجيئه بمعجزتها لو لم يكن وراء الأكمة ما وراءها، أما كتابه الذي زعم أنه أوحي به إليه فقد قرأنا بعض فصوله فلم نره مما يرضى بإنشاء مثله الشادي، وأما خوارقه فلم تكن إلا مجرد دعاوى ادعاها هو وأتباعه لا يؤيدها برهان ولا هي مما يروج في عصر الخوارق العلمية ومعجزات الصناعة، فلو كان نبيا حقا لكان من مؤيدات نبوته أن يأتي بما لم يؤت بمثله ذوو الابتكار والاختراع من عصره. وأما معجزات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهي تتلخص بالقرآن الموحي به إليه، المعجز ببلاغته التي تحدت بلغاء العصور إلى قيام الساعة، وبما حواه من أصول علوم، ومن حلول لمعاضل أخلاقية واجتماعية ونظم إنسانية، وأنباء عن أمم داثرة، وأخبار عن غائبات، وبالسيرة النبوة الفاضلة التي هي بنفسها معجزة، فكتاب محمد وسيرة محمد وأمة محمد وهي خير الأمم والوسط من الأمم والشاهدة على الأمم، كل ذلك معجزات محمد، وكلها ناطقة بلسان الحال والمقال أن دين محمد خاتمة الأديان، وأنه خاتم النبيين لا نبي بعده، اللهم إلا المسيح ابن مريم لا المسيح الهندي، وهو الحاكم بشرعه كما تواترت بذلك الروايات.
إنكار نزول المسيح (ع) وحصره معنى التوفي بالموت أما إنكار نزول المسيح فيلزمه منه أحد أمرين: إما إنكار ما جاء في نزوله من حديث وخبر ولا سبيل له إلى ذلك وهو يبني نبوة صاحبه عليه ويمنحه لقبه، وإما إنكار أن يراد منه عيسى ابن مريم الإسرائيلي المعين شخصه والمبينة هويته في الحديث، بل يراد منه غلام أحمد القادياني الهندي، ولكن الحديث الذي ينص على عيسى ابن مريم نصا صريحا لا يدع محلا لتأويله وحمله على المسيح الهندي المزعوم.
ثم إن إنكار ورود الحديث أو إنكار حمله على عيسى ابن مريم بعد الاعتراف بوروده لا تثبت بهما دعواه: