وهاتان الفرقتان اللتان يتألف من مجموعهما الكيان الاسلامي متفقتان على انقطاع الوحي والنبوة بعد خاتم النبيين والمرسلين.
والنتيجة لهذه المقدمات أن الإسلام غير محتاج لنبي جديد يجئ بشئ غير معلوم، ويكشف عن سر مكتوم، ومن طاقته رفع الاختلاف في الآراء والاعتقادات والاجتهاد، أو يستطيع أن يوحد المتفرق من الفرق الإسلامية الباقية، أو يأتي بما لم تستطعه الأوائل، فيجمع أرباب الأديان كلها في دين واحد، وإذا لم يتفق مثل ذلك لأولياء العزم من الرسل ولا لمن خلفوهم من الأنبياء العاملين بشرائعهم بين الفترة والفترة والحافظين لتلك الشرائع من التحريف والتبديل وهي مظنة لذلك، وقد تناول الكتب المنزلة بها النقل من لغة إلى لغة والنقل غير مأمون الخطأ، وأما الدين الاسلامي وله مرجعان، الكتاب المحفوظ والمعصوم من التحريف والزيادة والنقصان، فكان في مأمن منها وأمده الله بحفظة أمناء على تنزيله وتأويله والسنة والحديث، وقد أحيطا بما أحيط به الكتاب من حيث ضبط ألفاظهما وحفظ معانيهما والتثبت من حيث صدورهما، فالدين الاسلامي وله هذان المرجعان الموصوفان بما ذكرنا محفوظ بما لم يحفظ به غيره من الكتب المنزلة السابقة التي تعاورها النقل إلى مختلف اللغات، فكان من حكمته تعالى ولطفه بعباده صيانة لدينه وشريعته في البشر، أن يردهم إليه بواسطة أنبياء تابعين لا مشرعين استغنى عنهم المسلمون بكتابهم المعصوم وحديثهم المحفوظ والقائمين على رعايتهما من أئمتهم وذوي الاجتهاد والاستنباط منهم.
وبعد، فقد تبين من تلك الوجوه ومن النتيجة اللازمة لها عدم الحاجة في الإسلام إلى نبي سواء أكان مستقلا أم كان تابعا، ومن زعم الحاجة إلى نبي تابع أو ادعى أنه هو ذلك النبي فقد ادعى أنه بلغ رتبة النبوة، ولازم ذلك أنه أدرك من الفضل ما لم يدركه أصحاب النبي ولا أهل بيته ثقله الأصغر، ولا من نجم من أئمة المسلمين في مختلف الأعصار، والأمصار، وكان وهو الأخير خيرا ممن قال فيهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " خير القرون قرني " (1)... الحديث فهو في زعمه هذا