القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٩١
مختصا بمعنى الزينة أو بمعنى الأفضل كما قصره عليهما صاحب التوضيح وأتباع القادياني.
ثم إن إرادة أحد المعنيين الأفضلية أو الزينة من لفظ الخاتم لا يتسق مع ذكره تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) موصوفا بأوصاف (ما كان أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) بعد حادثة تطليق ربيبه زيد زوجه زينب وزواج النبي لها، وهي من الأهمية، بمكان عظيم من حيث قيامه بنفسه في العمل بتشريع زواج الأولياء بأزواج الأدعياء المطلقات الذي كانت تأباه نفوس العرب في جاهليتهم وفي جدة إسلامهم، يتنازعهم عاملان: عادة قديمة موروثة وتشريع إسلامي جديد بحثت أصولها غير آبه بهجر فريق منهم غير مستكمل الإيمان وباستنكار من يبطن النفاق ويظهر الإسلام، فمساق هذه الأوصاف في الآية وحكمة مثل هذا التشريع الذي يراد دوامه واستمراره وخلوده في الأمة يستلزمان أنه لا يراد من لفظ الخاتم واحد من ذينك المعنيين، بل يراد منه معنى نهاية النبوات بنبوته، كما يراد نسخ الشرائع بشريعته واستمرارها إلى أن تقوم الساعة، وليس المقام مقام أن يراد أنه أفضلهم أو أنه زينتهم كما يزين الخاتم الإصبع.
وإذا ضممنا إلى ذلك ما كان يفهمه المسلمون، سواء أكان ذلك في عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) أم في صدر الإسلام وهم في طراوته أم في العصور المتعاقبة، من أن المراد بالخاتم خاتمتهم وآخرهم ونهايتهم، زادت الحجة وضوحا وشبهة القاديانيين بطلانا وفسادا.
هذا العباس بن مرداس السلمي يخاطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله:
يا خاتم النباء إنك مرسل * بالحق كل هدى السبيل هداكا والنباء جمع نبئ مهموزا. سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منه هذا البيت وقد أقره على مضمون معناه من تخصيصه له بعموم هدى السبيل الذي هو هداه.
فلو كان بعده نبي له اختصاص ببعض هدى السبيل لما أقر عباسا على قوله، ولكان المقام مقام بيان أن بعده أنبياء مرسلين ترك لهم بعض الهدى.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست